تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليس معنى الدعوة بالحسنى أن تحُرّف الشريعة أو تُغيّر على ما يوافق هوى المدعو، فإن هذا من الكذب على الله تعالى، بل المراد من ذلك تبليغ شريعة الله سبحانه كما جاءت وعرضها بالحكمة والرفق، على درجات تبدأ بالحكمة وتنتهي بالسيف كما ذكرها أهل العلم، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب إلى أندية المشركين ومجامعهم ويدعوهم إلى الإسلام كما شرع، ويعرضه كما نزل، ولا يغير شريعة الله، ولا بعضها، ولا يحرف شيئاً مما نزل إليه من أجل إرضاء أحد ممن يدعوهم، بل هو مبلغ عن ربه، يؤدي ما أمره الله تعالى به، كما قال تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)، وكما في قوله تعالى (فاصدع بما تؤمر).

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في الفتاوى: 5/ 155:

"ومما جاء به الرسول أمر الله له بالبلاغ المبين كما قال تعالى (وما على الرسول إلا البلاغ المبين)، وقال تعالى (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)، وقال تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس)، ومعلوم أنه قد بلغ الرسالة كما أمر، ولم يكتم منها شيئاً، فإن كتمان ما أنزله الله إليه يناقض موجب الرسالة، كما أن الكذب يناقض موجب الرسالة، ومن المعلوم من دين المسلمين أنه معصوم من الكتمان لشيء من الرسالة، كما أنه معصوم من الكذب فيها، والأمة تشهد له بأنه بلغ الرسالة كما أمره الله وبين ما أنزل إليه من ربه".

بل قد قال الله سبحانه عن نبيه صلى الله عليه وسلم (ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين):

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى على هذه الآية في "الاستغاثة 2/ 464":

" ليبين سبحانه أنه ينتقم ممن يكذب في الرسالة كائناً من كان وأنه لو قُدّر أنه غير الرسالة لانتقم منه".

وكما أن الرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بالتبليغ عن ربه، فإن المسلم مأمور بالتبليغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً كما قال صلى الله عليه وسلم (بلغوا عني ولو آية)، وقال (رحم الله من سمع مني حديثا فأداه كما سمعه).

ومن الدعوة باللين ما جاء في قوله تعالى عن موسى وهارون لما أرسلهما إلى فرعون (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى)، وهذا القول اللين هو دعوتهما لفرعون إلى التوحيد وترك الكفر؛ باللين والرفق، وليس معناه قول بعض ما يهوى فرعون!!، وقد قص الله سبحانه دعوة موسى لفرعون ومجادلته إياه في القرآن في مواضع كثيرة، وبالنظر إليها نعرف المقصود من (اللين) المطلوب في الدعوة؛ فانظر مثلاً إلى الآيات التي في سورة طه – بعد أمر الله سبحانه لهم بأن يقولا له قولاً ليناً –:

قال تعالى (فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى، إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى، قال من ربكما يا موسى، قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، قال فما بال القرون الأولى) الآيات.

فلم يكن ثمّ تنازل أو إرضاء لفرعون في دعوته بـ (اللين)، بل هي دعوة إلى التوحيد، وتحذير من الشرك، وبيان ما أعده الله سبحانه للمشركين من عذاب، كما أوحى الله إليهم، بلا تغيير أو تبديل.

ونسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، والسعيد من وعظ بغيره.

ـ[عبد الغفور ميمون]ــــــــ[20 - 09 - 08, 02:10 ص]ـ

وأما قولكم

(وأخد الرأي الذي أرى أنه هو المناسب لإسلام هذا الزمان نصا ورأيا, عقلا ونقلا.)

فهل أنتم من أهل الإجتهاد

وكيف تعرفون موافقته للنقل والعقل

وأي عقل

عقلي أو عقلكم أو عقل صديقنا أو صاحبنا أو عدونا

وهذا القول يقولوه الكثير من الناس ويرون ما وافق العقل = عقولهم

فمثلا في هذه المسألة عقلي قد يختلف عن عقلك

فالعقل عندك قد يرى أن الموافق للصواب هو ما أفتى به الشيخ القرضاوي

وأنا أرى أن ما أفتى به القرضاوي مخالف للعقل

بل أجزم بذلك لأن ما خالف النص والإجماع فلا شك أنه مخالف للعقل

ثم العجب أن يكون دائما الرأي الذي يوافق (إسلام هذا الزمان) = رأي القرضاوي

أليس هذا من التعصب؟

بلى هو من التعصب الشديد

تنبيه

قولي

(وكانت هناك حروب بين الدولة العثمانية والروم)

في أواخر عهد ابن تيمية - رحمه الله -

أخي العزيز ابن وهب ..

حين قلت: "رأيا" فإنما أعنى رأيي أنا, وإن قلت "نصا" فإنما أعني النص بحسب فهمي أنا .. وقد تتفق معي في ذلك وقد لا تتفق, وهو أمر عادي, مند سلفنا, فهم اختلفوا في فهم النصوص. ففي كثير من المسائل رجح مرجح بالدليل العقلي والنقلي؟ فإن قلتَ: عقل من؟ فببساطة شديدة: عقل المرجِّح بجسب اجتهاده, وقد وافق الآخرون أو خالفوه ..

وعندما أفتى الشيخ القرضاوي بجوز بناء الكنيسة, فذلك هو ما أدى إليه اجتهاده هو على حسب المصلحة التي رآها للمسلمين, وافقناه أم خالفناه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير