تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالله سبحانه أوجب جهاد الكفار في آيات كثيرة، فقال تعالى (وقاتلوا المشركين كافَّة كما يُقاتلُونكم كافَّة)، وقال تعالى: (فقاتلوا أئمةَ الكفرِ إنهم لا أيمانَ لهم لعلَّهم ينتهون)، وقال تعالى (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم)، وقال تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)، وقال تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قُوَّةٍ ومن رِباطِ الخيلِ تُرهِبون به عدُوَّ الله وعدوكم ... الآية)، وقال تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، وغيرها من الآيات.

وورد بهذا أحاديث كثيرة متواترة منها: ما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من مات ولم يَغْزُ، ولم ُيحَدِّث نفسه بالغزو، مات على شُعبة من النفاق)، وما رواه أحمد وغيره عن أنس رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا المشركين بأموالِكم، وأنفسِكم، وألْسِنتِكم)، وما في المسند وسنن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً (بُعِثْتُ بالسيف بين يدي الساعة حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي)، وغيرها من الأحاديث.

وعلى ذلك مضت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والأئمة من بعدهم.

وكما أوجب الله سبحانه هذا الجهاد شرعاً، فقد كتب بقاءه قدراً:

حيث جاءت نصوص تدل على بقاء الجهاد في الناس إلى آخر الزمان، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عروة البارقي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم ".

قال القرطبي رحمه الله: " فلما فتح الله مكة كان القتال لمن يلي ممن كان يؤذي حتى تعم الدعوة وتبلغ الكلمة جميع الآفاق ولا يبقى أحد من الكفرة وذلك باق متماد إلى يوم القيامة ممتد إلى غايةٍ هي قوله عليه السلام: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم)، وقيل: غايته نزول عيسى بن مريم عليه السلام " تفسير القرطبي: 2/ 350.

.

وقال ابن حجر رحمه الله عن هذا الحديث:

" وفيه أيضاً بشرى ببقاء الإسلام وأهله إلى يوم القيامة؛ لأن من لازم بقاء الجهاد بقاء المجاهدين - وهم المسلمون - وهو مثل الحديث الآخر: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق) الحديث "اهـ فتح الباري: 6/ 56.

وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم في الصحاح وغيرها أنه قال " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة" ووردت روايات صحيحة تصف هذه الطائفة بالقتال في سبيله.

قال النووي رحمه الله:

" وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة فان هذا الوصف ما زال بحمد الله تعالى من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن ولا يزال حتى يأتي أمر الله المذكور في الحديث ".شرح مسلم: 13/ 67

بالإضافة إلى الآيات التي تدل على أن المدافعة سنة كونية، كقوله تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)، وغيرها، وكثير من الكفار يؤمن بحتمية هذا الصراع وأقوالهم في هذا كثيرة لو شئت أطلعتك عليها.

ويقول محمد محمد حسين رحمه الله (الإسلام والحضارة الغربية) ص 61 بعد ذكر تيارات (النصارى والعلمانيين والعصرانيين): "كانت هذه التيارات الثلاثة متعاونة في السيطرة على المجتمع، وفي مصارعة الاتجاه الإسلامي المحافظ، الذي كان يتخلى يوماً بعد يوم عن مكانه وعن وظيفته، وليس الخطر الذي يهدد المجتمع الإسلامي ناشئاً عن هذا الصراع، فالصراع بين الأصيل والدخيل سنة من سنن الله العليم الحكيم، يضرب فيها الحق والباطل، (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)، ليس هذا الصراع إذن مصدر خطر:

بل إنه – في تقديري – يدعو إلى التفاؤل والاطمئنان، ولكن مصدر الخطر وعلامته هو أن يزول هذا الصراع، وأن يفقد الناس الإحساس بالفرق بين ما هو (إسلامي) وما هو (غربي)، إن فقدان هذا الإحساس هو النذير بالخطر، لأنه يعني فقدان الإحساس بالذات، فالجماعات البشرية إنما تدرك ذاتها من طريقين معاً:

1 - من طريق وحدتها التي تكوّنها المفاهيم والتقاليد المشتركة. [قلت: وهو موالاة المؤمنين].

2 - ومن طريق مخالفتها للآخرين التي تنشأ عن المغايرة والمفارقات. [قلت: وهو البراء من الكافرين]

ولذلك كان الخطر الذي يتهدد هذه الوحدة يأتيها من طريقين:

1 - الشعوبية: التي تفتتها. [قلت: ومثل ذلك: القومية، والوطنية]

2 - والعالمية: التي تميعها. [قلت: ومثل ذلك: السلام العالمي، والتعايش، حوار الحضارات]

فزوال الإحساس بالمغايرة والمفارقة هو هدم لأحد الركنين اللذين تقوم عليهما الشخصية، وهذا ما لا نريد أن يكون، نريد أن يظل هذا التمييز بين ما هو إسلامي، وبين ما هو طاريء مستجلب – شرقياً كان أو غربياً – حياً في نفوس الأجيال الصاعدة والتالية.

وهي أمانة تلقاها جيلنا عمن قبله، ولا بد أن يحملها إلى من يجيء بعده، والله سبحانه هو المستعان ".

فحتى لا تتحير أخانا الحبيب ارجع للعلماء الصادقين واعل بإسنادك إلى الأئمة وراجع كتب أهل العلم الذين يبينون الدين ولا يطوعونه لأهواء الذين لا يعلمون تحت شعارات شتى والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير