تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي الفروع مذهبه حنبلي غير جامد على تقليد الإمام أحمد ولا من دونه، بل إذا وجد دليلا أخذ به وترك أقوال المذهب، فهو مستقل الفكر في العقيدة والفروع معا).

إلى أن قال: (وهو [أي مذهبه] نبذ التعلق بالقبور وعدم نسبة التأثير في الكون للمقبور، بل منع التوسل بالمخلوق وهدم الأضرحة التي تشييدها سبب هذه الفكرة، وقد فصلت ذلك في رسالتي " بيان مذهب الوهابية " وفي كتاببي " برهان الحق " (1)، وأعظم خلاف بينهم وبين أهل السنة هو مسألة التوسل وتكفيرهم من يتوسل بالمخلوق، فالخلاف في الحقيقة ليس في الأصول التي ينبني عليها التكفير أو التبديع، وإنما هو في أمور ثانوية وأهمها هذه).

إلى أن قال: (وهذا المذهب مؤسسه في الحقيقة ابن تيمية، ولكن حاز الشهرة محمد بن عبد الوهاب، وإليه نسبوه حيث توفق لإظهاره بالفعل، ونشره بالقوة، و تمكن من إحلاله محلا مقبولا من قلوب النجديين الذين قاتلوا عليه).

ثم ختم بقوله: (وعاد اليوم لهم ظهور وانتشار، ووقع التفاهم بين علماء الإسلام وزالت غشاوة كل الأوهام، وعلم كل فريق ما هو حق وما حاد فيه عن الطريق، وكادت أن لا تبقى نفرة بين علماء نجد وبقية علماء الآفاق، لا سيما بوجود الملك عبد العزيز آل سعود - ملك نجد والحجاز والحرمين وملحقاتها الحالي - الذي ظهرت منه كفاءة تامة ونصرة للسنة بعد العهد بها ممن لدن أهل الصدر الأول، واعتدال في الأفكار ونشر للأمن ووحدة الإسلام والغيرة العربية والعدل في الأحكام، فهو من أفذاذ ملوك الإسلام العظام ذوي السياسة الإسلامية القويمة، والكعب المعلى في الصرامة والحزم والشدة في الرفق والعزم قبل الضيق، والسير على سنن السلف، بما شهد له المحب والعدو، أكثر الله في الإسلام أمثاله، وأطال عمره، وأطال يده على أعدائه، وزاده تأييدا وتسديدا وثباتا في مبدئه القويم المعتدل، وبلغه مناه، حتى نرى الحرمين الشريفين والحجاز أرقى بلاد الإسلام). وهذا الفصل تجده - بتمامه - في كتاب منشئه " الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي " (2/ 445 - 448).

2 - وفي (العدد 5) من " الصراط السوي " (26 جمادى الثانية 1352 هـ / 16 أكتوبر 1933 م، ص 4 - 5) كتب الزاهري مقالا بعنوان (الوهابيون سنيون حنابلة - إيضاح وتعليق -) قال فيه ما نصه: (في كلام الوزير من الحقائق الثابتة ما لا يخفى على أي منصف لم يعمه الغرض والهوى، فهو يقرر كما هو الواقع " أن الإمام أبا عبد الله محمد بن عبد الوهاب الزعيم الأكبر؛ قد برع في علوم الدين واللسان وفاق الأقران، واشتهر بالتقوى وصدق التدين، عقيدته السنة الخالصة على مذهب السلف المتمسكين بمحض القرآن والسنة، لا يخوض التأويل والفلسفة ولا يدخلهما في عقيدته، وفي الفروع مذهبه حنبلي غير جامد .. "، ويقرر أيضا - كما هو الواقع - أن مبادئ الوهابية " التمسك بالسنة وإلزام الناس بصلاة الجماعة وترك الخمر وإقامة الحد على متعاطيها، ومنعها منعا كليا من مملكتهم ... وغير ذلك من التشديدات التي لا يراها المتساهلون المترخصون (!!!) وكل هذا لا يخالف السنة ... ".

ولكنه مع إثباته لهذه الحقائق قال: " ... وأعظم خلاف بينهم وبين أهل السنة هو مسألة التوسل، وتكفيرهم من يتوسل بالمخلوق .. "، وهذا وهم وهمه سعادة الوزير، فإنه لا يوجد في نفس الأمر أدنى خلاف بين الوهابيين وبين أهل السنة إلا ما هو موجود بين أهل السنة أنفسهم، فالوهابيون حنابلة سنيون بأتم معنى الكلمة، وحسبك أنه ليس لهم كتب مذهبية للمذهب الوهابي مثلا، بل كتبهم هي كتب الحنابلة نفسها .. ).

إلى أن قال: (وهنا مسألة جوهرية لا بأس بالإشارة إليها، وهي أن كتب الحنابلة التي يقرؤها الوهابية وغيرهم هي كتب سنة وحديث أكثر مما هي كتب فقهية حنبلية، وهم لا يزالون يؤلفونها على طريقة السلف الصالح وأئمة هذا الدين الحنيف ... ولا يخفى أن كتب السنة والحديث تجعل قارئها سنيا سلفيا شديد الاتصال بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وشديد الاتصال بالسلف الصالح، وبعيدا كل البعد عن التقليد والجمود، وبعيدا عن البدع ومحدثات الأمور، ومن هنا جاء الخلاف بين الوهابية من أهل السنة الآخرين (كذا في الأصل) - إن كان هنالك خلاف - ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير