تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[فريد المرادي]ــــــــ[10 - 06 - 08, 10:12 م]ـ

الشيخ الفقيه أحمد حماني - رحمه الله -

(ت 1419 هـ - 1998م)

1 - قال الشيخ أحمد حماني - رحمه الله - في كتابه " صراع بين السنة والبدعة " (1/ 50 - 51): (أول صوت ارتفع بالإصلاح والإنكار على البدعة والمبتدعين ووجوب الرجوع إلى كتاب الله والتمسك بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونبذ كل ابتداع ومقاومة أصحابه، جاء من الجزيرة العربية وأعلنه في الناس الإمام محمد بن عبد الوهاب أثناء القرن الثامن عشر (1694 _ 1765) وقد وجدت دعوته أمامها المقاومة الشديدة حتى انضم إليها الأمير محمد بن السعود وجرد سيفه لنصرتها والقضاء على معارضيها فانتصرت.

ولما كانت نشأة هذه الدعوة في صميم البلاد العربية ونجحت على خصومها الأولين في جزء منها، وكانت مبنية على الدين وتوحيد الله - سبحانه - في ألوهيته وربوبيته ومحو كل آثار الشرك - الذي هو الظلم العظيم - والقضاء على الأوثان والأنصاب التي نصبت لتعبد من دون الله أو تتخذ للتقرب بها إلى الله، ومنها القباب والقبور في المساجد والمشاهد - لما كان كذلك فقد فهم أعداء الإسلام قيمتها ومدى ما سيكون لها من أبعاد في يقظة المسلمين ونهضة الأمة العربية التي هي مادة الإسلام وعزه، إذ ما صلح أمر المسلمين أول دولتهم إلا بما بينت عليه هذه الدعوة، وقد قال الإمام مالك: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها).

لهذا عزموا على مقاومتها وسخروا كل إمكانياتهم المادية والفكرية للقضاء عليها، وحشدوا العلماء القبوريين الجامدين أو المأجورين للتنفير منها وتضليل اعتقاداتها، وربما تكفير أهلها، كما جندوا لها الجنود وأمدوها بكل أنواع أسلحة الفتك والدمار للقضاء عليها.

تحرش بها الإنكليز والعثمانيون والفرس، واصطدموا بها، وانتصر عليهم السعوديون في بعض المعارك، فالتجأت الدولة العثمانية إلى مصر، وسخرت لحربها محمد علي وأبناءه - وهو الذي كانوا سخروه لحرب دولة الخلافة وتهوينها - وكان قد جدد جيشه على أحدث طراز عند الأوروبيين آنذاك، فاستطاع الجيش المصري أن يقضي على هذه القوة الناشئة، وظنوا أنهم استراحوا منها، وكان من الجرائم المرتكبة أن أمير هذه الإمارة السلفية المصلحة اسر وذهب به إلى مصر، ثم إلى إسطمبول حيث اعدم كما يعدم المجرمون.

وهكذا يكون هذا الأمير المسلم السلفي المصلح من الذين سفكت دماؤهم في نصر السنة ومقاومة البدعة رحمه الله).

2 - وقال - رحمه الله - في " فتاويه " (2/ 500 - 501): (وما ذكره الشوكاني [من انتشار الشرك بين المسلمين وصمت أكثر العلماء عن إنكار ذلك] معروف مشاهد – منذ أجيال – في كل بلاد المسلمين، وما رواه من تقاعس العلماء والمتعلمين والأمراء والوزراء دون الواقع بكثير، فان الفتنة الكبرى والبلاء الأعظم جاء المسلمين من مشاركة بعض العلماء في الحج إلى هذه القبور ودعاء أصحابها، واعتقادهم في (الأولياء) من ساكنيها، فيوم أن زرت القاهرة في أواخر السبعينات وصادف إقامة (مولد سيدي أحمد البدوي) (والحج إليه) فذكرت الصحف أن عدد (الحجاج) زاد على مليونين اثنين، وكان في طليعتهم شيخ الجامع الأزهر، ووزير الأوقاف (الشؤون الدينية) وكلاهما من أشهر علماء الأزهر، والثاني مكث في الجزائر بضع سنوات، و أحيا فيها ما كانت قضت عليه الحركة الإصلاحية ودعوة عبد الحميد بن باديس وجمعية العلماء المسلمين، قبل حظر نشاط نظامها وعملها كمنظمة. فمسؤولية العلماء أعظم من مسؤولية الحكام والأمراء والوزراء، ذلك أن العامة قد لا تفتن بهم ولا تتخذهم قدوة في الدين، وإن كان من أوكد واجباتهم حماية وصيانة المسلمين في أموالهم وأرواحهم وأنفسهم ودينهم ودنياهم. غير أن كثيرا من علماء المسلمين - أزهريون وغير أزهريين - قدماء ومحدثين - أدوا واجبهم، وأحيوا سنة نبيهم، وبصروا المسلمين بما جاء به دينهم، وحذروهم من البدع والضلالات ومن فتنة القبور والمشاهد، وعلى راس هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، وأبو إسحاق الشاطبي، وابن عبد الوهاب والشوكاني، وفي هذا العصر محمد عبده، ومحمد رشيد رضا ومحمد النخلي، وعبد الحميد بن باديس وإخوانه بالجزائر، بذلوا جهودهم بالدروس والكتابة والخطابة حتى قضوا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير