تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالعجب من إلقاء الدعاوى زورا وبهتانا!!

هؤلاء حرفوا الواقع تحريفا ظاهرا وذلك:

ـ عندما ألغوا بسياسة التجاهل مرحلة ما قبل شعارات النهي عن الخوض ليكتموا على الناس هذه المرحلة التي تدل على معاملة نصوص الصفات كغيرها من عامة النصوص دون فرق

وهذه مرحلة لا ينكرها إلا جاحد وما أكثرهم أصلحهم الله

ـ وأيضاعندما زعموا أن شعار (أمروها كما جاءت) كان هو أول حال السلف مع الصفات وأول مرحلة في هذا الباب ليكتموا المرحلة السابقة، بينما هو المرحلة الثانية.

ـ وأيضا عندما زعموا أن هذا الشعار إنما رُفع قبل ظهور الخوض في هذا الباب

بينما رُفع بعد ظهوره بل وانتشاره، وقارِن إن أردت أن تستبين بين من اشتهرت عنهم شعارات السلف من أئمتنا وبين الجعد وأتباعه من

حيث الزمن وستعرف تزامنهما

ـ وأيضا عندما زعموا أن داعي التأويل وسببه إنما قام بعد انقضاء عهد السلف وأنه لو أدركه السلف لاحتاجوا للتأويل كما احتاج إليه الأشاعرة ولأَوّلوا

و هذا تحريف وتزوير للواقع حتى يبرروا لأنفسهم مخالفة السلف فيما أحدثوه من التأويل

فإنه مما لا خلاف فيه أنه قد انتشر الكلام في الصفات على وجه التفصيل من منطلق عقلي، وكثر الخوض في هذه المسائل منذ مطلع القرن الثاني وبدايته على يد الجعد بن درهم الذي قتل في حدود سنة 120 هـ تقريبا وتلميذه الجهم، وقيل تكلم قَبلهما بيان بن سمعان كما ذكر ابن الأثير، ثم انتشرت بدعة الخوض بالنفي

وفي المقابل أيضا لا خلاف أنه منذ النصف الأول للقرن الثاني بل والغالب قبلها أنه قد انتشر الكلام في الصفات على وجه التمثيل والتشبيه ممن اشتغلوا بالتجسيم كمقاتل بن سليمان وهشام بن سالم الجواليقي وداود الجواربي ثم هشام بن الحكم الرافضي وعامة الشيعة الأوائل وجماعة من الصوفية، وأيضا أوائل الخوارج وحتى وقت ظهور الكرامية في مطلع القرن الثالث

ومع ظهور هذين الاتجاهين وكثرة الخوض في الصفات من قِبلهما

وانتشار ذلك لم يقابل السلف هذا بالتأويل قط ولم يقولوا به

بل وما انصرم القرن الثاني حتى بلغ الأمر غايته، وما خبر المريسي وأتباعه عنكم ببعيد، وحفص الفرد وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ويحيى بن صالح الوحاظي.

بل قد نُسب إلى التجهم بعض الشيوخ كمحمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة كما اتهمه الإمام البخاري في خلق أفعال العباد

وكذا إسماعيل بن علية وبشر بن السري وكل هذا في آخر القرن الثاني أما مطلع القرن الثالث فلا يخفى ما جرى فيه من الفتنة لأئمة السنة وظهور هذه البدعة على يد بعض الأمراء وغيرهم

ولم يقل السلف مع كل هذا بالتأويل وما أولوا بل كانوا يثبتون الصفات ويجرونها على ظاهرها ويمرونها كما جاءت

فمن العيب وغير اللائق أن يلجأ أصحاب التأويل من الأشاعرة إلى تحريف الواقع وتزويره عندما يدّعون بأن سبب ظهور التأويل (والذي هو الخوض في الصفات بالتجسيم وبالتعرض للنصوص تفصيلا) بأنه لم يكن موجودا في عهد السلف.

بينما عاش السلف قرابة القرن ونصف ـ قد تنقص قليلا ـ (وهي نصف الحقبة التي عاشوها) وهم يعانون من بدعة الخوض في الصفات بالنفي ثم بالتمثيل والتشبيه

ومع هذا لم يقولوا بالتأويل، بل حاربوه وأنكروه على المعتزلة والجهمية

باعتبارهما كانا يؤولان النصوص، وهل أخذ الأشاعرة التأويل إلا عنهما؟!

وكم من التأويلات التي يقول بها الأشاعرة هي بعينها تأويلات المعتزلة باعتراف جماعة من الأشاعرة وما أكثرها، ناهيك عن التي هي من نوع تأويلهم.

وهل يستطيع أن ينكر الأشاعرة كون المعتزلة والجهمية كانوا يؤولون الصفات وكان السلف ينكرون عليهم التأويل؟!

إذاً فليبين لنا الأشاعرة مالذي كان ينكره السلف على المعتزلة والجهمية؟ ومالذي كان يقول به هذان الفريقان على الأقل في حق نصوص القرآن التي لم يجحد ثبوتها أحد؟

هل كان المعتزلة والجهمية يثبتون الصفات التي جاء بها القرآن كالمحبة والكلام والغضب والسمع والبصر والعلو واليدين ونحوها من عامة الصفات القرآنية؟

الكل يعلم أنهم كانوا يؤولونها جحدا لمعاني النصوص وكان السلف ينكرون عليهم التأويل.

والإمام أحمد في رواية المرّوذي: سئل عن عبد الله التيمي فقال: صدوق لكن حكي عنه أنه ذكر حديث الضحك، فقال: مثل الزرع

، وهذا كلام الجهمية ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير