والإثنا عشرية حينما ادعوا بإمامة موسى الكاظم قالوا: إن إسماعيل مات في حياة أبيه، ومنهم من ذهب إلى القول بأن جعفراً لم يعجبه سلوك ابنه إسماعيل فصرف الإمامة إلى أخيه موسى الكاظم، ولكن هذه الدعاوي لم يقبلها الإسماعيلية الذين رفضوا ذلك بحجة أن الإمامة تكون في الأعقاب، واستدلوا بالآية الكريمة: (وجعلها كلمة باقية في عقبه) [الزخرف 28] باعتبار أن الكلمة عندهم هي الإمامة. (انظر طائفة الاسماعيلية: تاريخها، نظمها، عقائدها. للدكتور محمد كامل حسين، ص 12 ـ 13).
ألقاب الإسماعيلية:
لهذه الطائفة ألقاب كثيرة تطلق عليها أشهرها:
(1) الإسماعيلية والباطنية.
وذلك لقولهم بالظاهر والباطن. يقول الشهرستاني في الملل والنحل (1/ 192): " ومن أشهر ألقابهم الباطنية، وإنما لزمهم هذا اللقب لحكمهم بأن لكل ظاهر باطناً، ولكل تنزيل تأويلاً ".
فهم يقولون: بأن لظواهر القرآن والأخبار بواطن، تجري في الظاهر مجرى اللب من القشر، وهي عندهم بوصفهم العقلاء والأذكياء رموز وإشارات إلى حقائق معينة.
ولقب الباطنية يشترك فيه معهم حركات وفرق عدة القاسم المشترك بينهم التأويل.
والإسماعيلية تفخر بهذا اللقب (الاسماعيلية) يقولون: " نحن الاسماعيلية لأنا تميزنا عن فرق الشيعة بهذا الاسم وهذا الشخص، يريدون اسماعيل بن جعفر. انظر الشهرستاني في الملل والنحل (1/ 192).
(2) التعليمية:
وذلك لإبطالهم النظر والاستدلال والرأي والقياس، إعتماداً على سلطة الإمام المعصوم التعليمية.
(3) السبعية:
وذلك نسبة إلى إمامهم السابع محمد بن إسماعيل بن جعفر، ولاعتقادهم أن أدوار الإمامية سبعة.
(4) ولمذهب الإسماعيلية ألقاب أخرى على حسب اختلاف البلدان:
ـ ففي العراق: يسمون بالقرامطة، جمع قرمطي، نسبة إلى قرمط.
ويعرفون أيضاً باسم المزدقية (المزدكية) وذلك بالنظر إلى أنهم يدينون بدين الإشتراك في الأبضاع والأموال الذي ابتدعه مزدق (مزدك) في عهد قباذ الساساني.
ـ وفي خراسان: يسمون بالتعليمية، والملاحدة، والميمونية نسبة إلى ميمون أخي قرمط.
ـ وفي مصر: يسمون بالعبيدية نسبة إلى عبيد الله المعروف بـ (عبيد الله المهدي).
ـ وفي الشام: يسمون بالنصيرية والدروز والتيامنة.
ـ وفي فلسطين: يسمون بالبهائية.
ـ وفي الهند: يسمون بالبهرة والإسماعيلية.
ـ وفي اليمن ونجران: يسمون بالمكارمة. ويعرفون باليامية نسبة إلى القبيلة المعروفة (قبيلة يام) وليس كل اليامية من الإسماعيلية بل هناك قبائل وأفراد من يام ورجالها ليسوا على هذا المذهب الخبيث، وهم في كل وقت يزدادون خروجاً وكرهاً وبغضاً لمذهب الإسماعيلية.
ـ وفي بلاد الأكراد: يسمون بالبكداشية (وهي طريقة صوفية شيعية تنسب إلى خنكار الحاج محمد بكناش الخراساني النيسابوري المولود في نيسابور سنة 646هـ. وهذه الطريقة ظهرت في تركيا ومصر وتوجد في ألبانيا، ولها أوراد وآداب وعهد في الدخول فيها ومراتب معينة تدل في جملتها على ارتباط الطريقة بأصول ومبادئ الشيعة). (انظر الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، عبد الرحمن عبد الخالق، ص 433 ـ 446).
وتعرف أيضاً في بلاد الأكراد بالقزلباشية، وهي طريقة قريبة من البكداشية على اختلاف منازعهم.
ـ وفي بلاد العجم: يسمون بالبابية.
ولهم فروع إلى يومنا هذا تلبس لكل قرن لبوسه، وتظهر لكل قوم بمظهر تقتضي به البيئة، وقدماؤهم كانوا يسمون بالإسماعيلية باعتبار تميزهم عن فرق الشيعة بهذا الاسم.
انظر في تسمية الإسماعيلية وألقابها (كشف اسرار الباطنية، محمد بن مالك الحمادي، المقدمة ص 8).
بداية ظهور الإسماعيلية:
الجذور التاريخية لبداية ظهور مذهب الباطنية (الإسماعيلية) كان على يد عبد الله بن سبأ اليهودي اليمني، وكانت مزاعم هذا اليهودي تركزت حول وجود علم سري عند علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وبالتالي تجسد روح الإله فيه.
ولقد كان لإسماعيل بن جعفر والذي يعرف بـ (إسماعيل الأعرج) توفي سنة 145هـ وقيل 138 هـ، ومحمد بن مقلاص أبي زينب الأسدي الكوفي ويكنى بأبي الخطاب، والذي قتله والي الكوفة عيسى بن موسى من قبل العباسيين على ضلاله سنة 143 هـ الدور الأساسي في تأسيس حركة الإسماعيلية الباطنية وإيجاد جذورها.
فهما الشخصيتان القياديتان الخطيرتان اللذان سعيا معاً لتأسيس حركة تتخذ من التشيع طريقاً سهلاً للخروج على تعاليم الإسلام وهدم كيانه.
فأبو الخطاب الأسدي يعتبر من مؤسسي الفرق الباطنية، بل من أساتذتها، فقد كان أستاذاً للفضل بن محمد الجعفي الذي كان وراء محمد بن نصير في أفكاره الضالة التي أسس عليها فرقته النصيرية، وكان أستاذاً لإسماعيل بن جعفر ولابنه محمد، وزميلاً مخلصاً لميمون القداح وابنه، الذين عملوا بشكل فعّال على انطلاقة الحركة الباطنية بثوبها (الإسماعيلية) والتي انبثقت منها أكثر الحركات الباطنية الأخرى كالقرامطة والدروز وغيرها.
قال ابن الأثير في تأريخه (6/ 124) حوادث سنة 296هـ: " ولما يئس أعداء الإسلام من استئصاله بالقوة أخذوا في وضع الأحاديث المكذوبة والتشكيك في الدين لدى ضعاف العقول، فكان أول من فعل ذلك أبو الخطاب وأبوشاكر ميمون بن ديصال وغيرهما، فألقوا إلى من وثقوا به أن لكل شيء من العبادات باطناً وأن الله تعالى لم يوجب على أوليائه صلاة ولا زكاة ولا غير لك ولا حرم عليهم شيئاً، وأباحوا لهم نكاح الأمهات والأخوات وإنما هذه قيود للعامة تسقط عن الخاصة، وكانوا يظهرون التشيع لآل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليستروا أمرهم وبستميلوا العامة، فتفرق أصحابهم في البلاد وأظهروا الزهد والعبادة وتعلموا الشعبذة، والنارنجيات، والزور، والنجوم، والكيمياء. فهم يحتالون على كل قوم بما يتفق عليهم وعلى العامة بغظهر الزهد ". أهـ
يتبع ...
سوف يكون الموضوع على حلقات ..
¥