ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[28 - 09 - 09, 03:34 م]ـ
فالله سبحانه و تعالى قادر على أن يعطي العبد حرية الاختيار فيحب ما يختاره و يكره ما يدعه و هنا مشيئة الله عز و جل فمن اختار الايمان فبمشيئة الله و من اختار الكفر فبمشيئة الله عز و جل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فهذان الجوابان اللذان ذكرهما هذان الامامان في عصر تابع التابعين من أحسن الأجوبة. أما الزبيدي فقال ما تقدم، وذلك لأن الجبر في اللغة إلزام الإسنان بغير رضاه، كما يقول الفقهاء هل تجبر المرأة على النكاح أم لا؟ وإذا عضلها الولي ماذا تصنع؟ فقال: الله أعظم من أن يجبر أو يعضل، لأن الله قادر على أن يجعل العبد مختاراً راضياً لما يفعله مبغضاً تاركاً لما يتركه، فلا جبر على أفعاله الاختيارية، ولا عضل عما يتركه لكراهته أو عدم إرادته. وروي عن سفيان الثوري أنه أنكر (جبر) وقال: الله سبحانه جبل العباد، وقال الراوي عنه: وأظنه أراد قوله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس (بل جبلت عليهما) فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله، يعني: الحلم والأناة. وقال المروذي للإمام أحمد: إن رجلا يقول: إن الله جبر العباد.فقال: لا نقول هكذا، وأنكر هذا، وقال: (يضل الله من يشاء).اهـ درء تعارض العقل و النقل ص 76 ج1
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[28 - 09 - 09, 04:36 م]ـ
و لا شك أن كلا الفعلين مخلوق لكنه كسب أيدي البشر.
قال العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة السفارينية:
قوله: (أفعالنا مخلوقة لله)، أفعالنا: يعني ما نفعله من طاعة أو معصية، سواء كانت باليد أو الرجل أو العين أو الأنف أو الإذن كلها مخلوقة لله، وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن أفعالنا من صفاتنا، ونحن مخلوقون لله، وخالق الأصل خالق للصفة، فإذا كان الإنسان مخلوقاً لله فإن صفاته أيضاً مخلوقة، فأفعالنا صفات لنا، وخالق الذات خالق للصفة، ولهذا صح أن نقول: إن أفعالنا مخلوقة لله، وهذا وجه.
الوجه الثاني: أن فعل الإنسان ناتج عن أمرين عن إرادة، وقدرة:
أما القدرة: فالله تعالى هو الذي خلقها، ولا إشكال في ذلك، ولو شاء الله عز وجل لسلب الإنسان القدرة وصار عاجزاً عن الفعل.
والإرادة: كذلك، فإن الله هو الذي خلقها، لأنه هو الذي يودع في القلب هذه الإرادة، وما أكثر ما يرد الإنسان شيئاً وفي آخر لحظة يتجه إلى غيره.
فأحياناً تمشي على أنك ذاهب إلى صديق لك لتزوره، وفي أثناء الطريق ترجع وتترك الزيارة، وتقول: أذهب له غداً، أو بعد غد، وقد سئل أعرابي بم عرفت ربك؟ قال: بنقض العزائم وصرف الهمم، وهذا الجواب من الأعرابي على فطرته، ونقض العزائم: يعني أن الإنسان يعزم على الشيء عزماً أكيداً، لا يداخله أدنى إشكال، ثم يتراجع بدون أي سبب، وكذلك صرف الهمم، فقد يهم الإنسان بالشيء ويبدأ بالفعل والمباشرة له ثم ينصرف.
ولهذا قال الأعرابي أنه بذلك عرف الله؛ لأن نقض العزائم وصرف الهمم ليس له سبب معلوم يضاف إليه، إذاً فلابد أن يكون السبب إلهياً.
إذاً فأفعالنا مخلوقة لله ودليل ذلك أمران:
الأمر الأول: أن أفعالنا صفات لنا وخالق الذات خالق للصفات.
ثانياً: أن أفعالنا ناتجة عن إرادة جازمة وعن قدرة، والذي خلق الإرادة وخلق القدرة فينا هو الله عز وجل، وخالق السبب التام وهو الإرادة والقدرة، خالق للمسبب، وهو الفعل الناتج عن الإرادة والقدرة.
الوجه الثالث: أن الله خالق كل شيء، كما قال تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء) (الرعد: الآية 16)، وهذا العموم يشمل أفعال العباد؛ لأن أفعال العباد من الشيء.
ثم قال رحمه الله (لكنها كسب لنا يا لاهي) هذا الاستدراك معناه: أن أفعال العباد مخلوقة لله، لكنها ليست كسباً له، بل هي كسب للعباد. وكسب لنا: أي أن ثوابها وعقابها لنا، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا) (فصلت: الآية 46) فالأفعال مخلوقة لله، لكنها بالنسبة للثواب والعقاب كسب لنا، قال تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) (البقرة: الآية 286) وإذا كانت كسباً لنا فإنها تضاف إلينا حقيقة مباشرة،
¥