تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثمّة قضية مهمة يجب أن يعيها المهتمون بالشؤون العراقية، وهي أنه لم يجرِ أي تعداد فعلي في تاريخ العراق منذ نشأته سنة 1920 وليومنا هذا حوى سؤالا مباشرا عن الانتماء إلى (السنة أوالشيعة)، بل كل التعدادات منذ سنة 1919 قائمة على تعداد السكان في كل محافظة أو تقدير ذلك، أما الذي يريد أن يحسب نسبة السنة والشيعة فعليه اتباع ما يلي:

فرز المحافظات أو الألوية ذات الأغلبية السنية عن الأخرى ذات الأغلبية الشيعية.

وبشكل أدق نقول إن: محافظات الموصل (نينوى) ([10])، وصلاح الدين ([11])، والرمادي (الأنبار)، واربيل، والسليمانية، والدهوك ([12]). كلها محافظات ذات أغلبية سنية، تزيد نسبة السنة فيها عن 90%.

أما محافظات: العمارة (ميسان)، والناصرية (ذي قار)، والسماوة (المثنى)، والديوانية (القادسية)، وكربلاء، والنجف فهي محافظات ذات أغلبية شيعية.

ومحافظة ديالى مختلطة فيها أغلبية سنية، في حين تقدر نسبة الشيعة فيها بين 30 - 35 %، بينما محافظات الكوت، والحلة (بابل)، والبصرة ذات أغلبية شيعية وتقدر نسبة السنة فيها بين 20 - 35 %.

وتبقى بغداد العاصمة ذات الأغلبية السنية، فقد كانت نسبة السنة فيها في بداية القرن الماضي تقدر بـ 80%، واليوم تقدر بـ 60%، وتنزلاً مع كل الحسابات فلتكن النسبة 50% لكل من السنة والشيعة في بغداد.

وليرجع أي باحث إلي أي تعداد يعجبه من السنين وفق ما ذكرنا ليعرف نسبة السنة والشيعة.إن دراسة بسيطة للتعدادت السكانية للسنين (1947 و1957 و1965 و1977 و1997) تبين للباحث حقيقة مهمة لا لبس فيها هي أن نسبة السنة والشيعة والأقليات في العراق على النحو التالي:

السنة بين 52% - 56%

الشيعة بين 40% - 44%

أما نسبة الأقليات فثابتة تقريبا بعد خروج اليهود من العراق بعد عام 1948، وتبلغ 4%، لأنها كانت تصل فيما سبق إلى 8%.

وأنا أتساءل عن السبب الذي يجعلنا نصدّق إحصائيات الإنكليز وهم عدو مستعمر، وله عدة غايات من هذه الأرقام، سيما وأنه لم يجرِ أي إحصاء وإنما هي تقديرات، وأن الذين هللوا وصفقوا لهذه النتائج هم الكتاب الشيعة فقط، سواء كانوا من التيار الديني أو العلماني، فالتعصب أعمى لدى الجميع.

وثمة ملاحظة أخرى مهمة وهي أن علاقات التيار الديني الشيعي مع البريطانيين علاقات قديمة ترجع لأكثر من 170 عاما، فخيرية أودة ([13]) أصبحت تحت السيطرة البريطانية منذ سنة 1852م وكان توزيع العوائد المالية لهذه الأوقاف الخيرية في النجف وكربلاء يخضع لقرار ورغبات المقيم السياسي البريطاني!! لأن بريطانيا خلصت بعد دراسة مستفيضة أن زمام أمور الشيعة بيد مجتهديهم وأن التحكم بالأموال هو المدخل لترويض هؤلاء العلماء والمراجع وهو أنجح السبل لاستخدام التشيّع لخدمة بريطانيا ومصالحها من أجل السيطرة على إيران والعراق.

هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الغرب يحارب الإسلام السني؛ لأنه المكون الأكبر في الإسلام (90%) لذلك فإن استخدام الاقليات والطوائف سيكون سلاحا يستخدمه الغرب لمحاربة الإسلام نفسه.

كل هذا السرد المطول كان لبيان أنّ من مصلحة بريطانيا أن يكون الشيعة مشكلة في العراق؛ لذلك أوحوا إلى العراقيين منذ إحتلاله أن الشيعة أكثرية مظلمومة، وأن من يحكمهم هم أقلية سنية؛ ليبقوا البلاد في صراع مستمر، يؤيد هذا ما ذكره السياسي العراقي كامل الجادرجي ([14])، حين قال: "بدأت المشكلة تظهر في الواقع بعدما تكونت الحكومة الأهلية تحت الانتداب الانكليزي، فقد ظهرت الحاجة آنذاك ماسة بصورة جلية إلى إيجاد إداريين وقضاة ووزراء من الشيعة. وقد أدخل الانكليز في روع الشيعة أن اعتبارهم أقلية أمر يخالف الحقيقة، وذلك فإن من حق أبنائها أن يشاركوا مشاركة فعلية في جميع نواحي الإدارة". ثم يقول: "إن تشجيع الانكليز للشيعة قد كان يجري بمختلف الأشكال ومن أمثلة ذلك تحريض الشيعة على جعل الطائفية مثلهم الأعلى" ([15]).

وقد حاول الإنكليز إقناع ملك العراق، فيصل الأول، بذلك فيقول السياسي العراق توفيق السويدي ([16])، في كتابه (وجوه عراقية): "من أسباب ضعف فيصل اعتقاده بصحة بعض الأقوال أن الجعفريين مغموطو الحقوق، وإذا فرض أنه موجود فإنه لم يوفق لمعالجته بالطريق المعقول، إذ كان يريد الطفرة ليوصل العناصر الجعفرية إلى الحكم بدون اشتراط كفاءة .. " ([17]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير