بِيَدَيَّ لما خلقت بقدرتي، طيب.
لماذا لا تثبتون الآية على ظاهرها وتثبتون الصفة لله -عز وجل- قالوا: لأنه يتعارض مع الدليل العقلي، أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه، الرد عليهم أن هذه الحجة، هذا الدليل الذي زعمتم أنه دليل عقلي، ليس بدليل عقلي، فليس إثبات الصفة يستلزم التشبيه، هذا الدليل دليل فاسد، والدليل على فساده، أنكم معاشر الأشاعرة، ألستم تثبتون السمع لله؟ ولا لا؟ تثبتون لله البصر ولا لا؟ والمخلوق موصوف بالسمع والبصر ولا لا؟ إذن أنتم تشبهون، فإثبات السمع والبصر يستلزم التشبيه، فهذا دليل على أن هذه الشبهة شبهة فاسدة، وبمثل هذه الشبهات عارضوا بها نصوص الوحيين، وأبطلوا بها دلالة نصوص الوحيين على صفات الله -عز وجل-، نعم.
أحسن الله إليكم، ثم فائدة شخص أرسل ورقة، يقول: لا تصح قراءة المتن كأنه قرآن، رجاء التنبه.
الأصل فيها الجواز، ومن منع فعليه الدليل، ولقد أدركنا مشايخنا يقرأ عليهم بهذا الأسلوب، وما أنكروا هذا الأمر، نعم.
فلما انبنى أمرهم على هاتين المقدمتين الكفريتين، كانت النتيجة استجهال الأولين واستبلاههم، واعتقادهم أنهم كانوا قوما أميين، بمنزلة الصالحين من العامة، لم يتبحروا في حقائق العلم بالله، ولم يتيقنوا لدقائق العلم الإلهي، وأن الخلف الفضلاء حازوا قصب السبق في هذا كله
يعني يقول الشيخ: فلما انبنى أمرهم على هاتين المقدمتين الكفريتين، والمقدمتان هما المقدمة الأولى: أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك، هذه المقدمة الأولى، المقدمة الثانية: أن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص، المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات، وغرائب اللغات، النتيجة ما هي النتيجة؟ استجهال من كانت هذه طريقتهم، كونه يؤمن باللفظ ويكل المعنى لله -عز وجل-، بمعنى أن هذا جاهل، ولهذا جعلوا السلف كحال العوام، واستبلاههم بمعنى، الأبله هو الذي لا عقل له، يعني كأنهم لا عقول لهم يفهمون بها هذه النصوص، كما سبق، من السلف الذين يقصدون هم الصحابة، وكبار التابعين، وأنهم بمنزلة الأميين، قوم أميين بمنزلة الصالحين من العامة، لم يتبحروا في حقائق العلم، يعني بأنهم عباد عامة، ولم يتفطنوا لدقائق العلم الإلهي، وأن الخلف الفضلاء حازوا قصب السبق في هذا كله، حازوا قصب السبق، أي تقدموا عليهم، صاروا أفضل منهم في هذا الأمر، في أعظم أمر فيما يتعلق بالله -عز وجل-، الخلف أفضل من السلف، كما يزعم هؤلاء، حازوا قصب السبق، هذا مثال يردده شيخ الإسلام ابن القيم دائما، وهو أن قديما يوضع قصبة في حلبة المسابقة، فالسابق هو الذي يقتلع هذه القصبة، وهذا من أجل أن يتحقق أنه هو الذي وصل أولا، فالشيخ يقول: أنهم جعلوا الخلف هم الذين فازوا، وهم الذين تقدموا، وهم الذين علو على السلف -رحمهم الله- في هذا الجانب، حازوا قصب السبق، نعم.
ثم هذا القول إذا تدبره الإنسان، وجدهم في غاية الجهالة، بل في غاية الضلالة، كيف يكون هؤلاء المتأخرين؟ لا سيما والإشارة بالخلف إلى ضرب من المتكلمين، الذين كثر في باب الدين اضطرابهم، وغلظ عن معرفة الله حجابهم، وأخبر الواقف على نهايات إقدامهم، بما انتهى إليه من مرامهم حيث يقول:
لعمري لقد طفت المعاهد كلها * وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضع كف حائر * على ذقن أو قارعا سن نادم
وأقروا على نفوسهم بما قالوه متمثلين به، أو منشئين له فيما صنفوه من كتبهم كقول بعض رؤسائهم:
نهاية إقدام العقول عقال * وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا * وغاية دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا * سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، وما رأيتها تشفي عليلا، ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، اقرأ في الإثبات الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وقوله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ واقرأ في النفي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي، ويقول الآخر منهم: ولقد خضت البحر الخضم، وتركت أهل الإسلام وعلومهم، خضت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمة منه، فالويل لفلان، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي، ويقول الآخر منهم: أكثر الناس شكا عند الموت أصحاب
¥