تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ينبغي دائما في بحث المسائل العلمية معرفة مفردات المسألة والمراد بها في اصطلاح ذلك الفن فهذا الأمر يختصر كثيرا من الوقت والجهد لرفع الإشكال فأصحاب العلوم بمختلف التخصصات لهم اصطلاحات معينة وتختلف احيانا من عالم لعالم ومن متقدم لمتأخر ومن إطلاق عام أو خاص فمثلا النسخ له اطلاق عام وهو اطلاق المتقدمين من السلف واطلاق خاص عند المتأخرين فهو عند المتقدمين يعم تخصيص العام وتقييد المطلق وبيان المجمل فلذا نجد ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يقولون هذه الآية منسوخة بكذا وليس مرادهم النسخ عند المتاخرين وإنما مرادهم أنها مخصصة او مفسرة بآية أخرى أو مقيدة أو نحو ذلك وليس المراد به رفع الحكم الثابت المتقدم بحكم متراخ عنه، بمعنى أن النسخ هو الرفع لكن يرفع ماذا؟ إن كان الرفع الكلي فهو اصطلاح المتاخرين. وإن كان رفع كلي وجزئي ورفع أحد المعاني التي يحتملها اللفظ وترجيح أحدها فهو اصطلاح المتقدمين.

نرجع إلى مسألتنا ما المراد بالقياس؟

القياس له اصطلاح عام واصطلاح خاص

الاصطلاح الخاص معروف وهو كما قال البيضاوي _ وهو أسلم التعريفات _: (إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت)

الاصطلاح العام المراد به القواعد والأصول والأسس التي تسير عليها الشريعة وهذه القواعد قد تكون كلية مثل رفع الحرج وجلب المصلحة ....

وقد تكون أقل من ذلك فتخص بابا من أبواب الشريعة كباب العبادات او المعاملات كما نقول من قواعد الشريعة في العبادات أنها توقيفية فهذا يسمى قياس يعني قاعدة مطردة في هذا الباب وكما نقول الغرر منهي عنه في المعاملات هذا قياس يعني أنه مستمر ومطرد فيندرج تحت التحريم بعلة الغرر كثير من المعاملات كالنهي عن بيع المنابذة والملامسة وبيع الحصاة وبيع العربان وبيعتين في بيعة وبيع حبل الحبلة وبيع الثمار قبل بدو صلاحها وبيع عسب الفحل والتصرية وبيع المضامين والملاقيح ....

إذا علم ما سبق وهو المراد بقولهم المشهور: (المعدول به عن سنن القياس لا يقاس عليه) أوما عبرت به الأخت هنا بقولها: (ما ثبت على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس)

ما معنى قولهم المعدول به عن سنن القياس لا يقاس عليه:

يعنون بذلك أن ما خرج عن القاعدة العامة للشريعة باستثناء خاص به لا يجوز القياس عليه لأن الأصل البقاء على القاعدة العامة للشريعة وإنما استثنيت هذه المسألة لحكمة خاصة ومصلحة أرادها الله ومن ثم فلا نلحق بها غيرها ونبقى على الأصل ويدخل في المعدول به عن سنن القياس أمور:

1 / أن يكون الحكم غير قابل للتعدية ويعبرون عنه بما كان غير معقول المعنى كالعبادات فهنا الأصل جواز القياس في الشريعة مطلقا لكن عدل عن هذا الأصل في باب العبادات فلا يجوز القياس فيها لمصلحة سد باب البدع وغير ذلك من المصالح.

2 / ما استثني من قاعدة عامة في الشريعة وهو معقول المعنى مثل العرايا، فالعرايا نوع من المزابنة، والمزابنة هي بيع التمر بالرطب وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم للجهل بالتساوي والقاعدة أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل والتمر من الربويات فيلزم فيه التساوي مع القبض وإلا وقع الربا فهذا قياس مطرد في الشرع وهو النهي عن البيع بين الربويات اذا علم التفاضل أو جهل التساوي لكن هذا استثني منه العرايا وهي بيع الرطب على النخل خرصا بمثل ما يؤول إليه الرطب إذا يبس وكان تمرا يابسا لا أقل ولا أكثر كيلاً فيما دون خمسة أوسق أي ستون صاعا، وإنما رخص فيها النبي صلى الله عليه وسلم للحاجة لأكل الرطب لمن لا يجد الثمن حالا.

فهنا العرايا مستثناة من القياس وهو الأمر المطرد فلا يجوز القياس عليها.

3 / ما استثني من قاعدة عامة وهو غير معقول المعنى كخصائص النبي صلى الله عليه وسلم وكاعتبار شهادة خزيمة بن ثابت 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن شهادة رجلين وكقبول أضحية أبي بردة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قبل الصلاة فهذه أمور خاصة مستثناة من الأصل العام في الشرعية وذلك أن الأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم يكلف بما كلف به الأمة لكن وجد له خصائص خرجت عن هذا الأصل فلا نقاس عليه فيها وكذا الأصل أن شهادة الرجل تكون عن رجل واحد لكن استثني خزيمة بن ثابت 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادته عن رجلين في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير