تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من دخل بينهما بالإفساد قطع الله دابره وقصم الله ظهره وشتت أمره، ولذلك لا يفلح هؤلاء ولا يوفقون ولا يسددون وقد يستدرجهم الله عز وجل فيكون لهم مثل يبتلوا بما ابتلى به غيرهم من الدعوة والتدريس والتحفيظ، فيسلط الله عليهم طلابهم مثل ما تسلطوا على غيرهم جزاءً وفاقاً، فنحذر من هذه الآفات، فإذا نقل قول العالم المخالف إلى غيره ينقله بطريقة لا تفسد القلوب يقول له: يا شيخ العلماء اختلفوا في مسألة كذا وكذا، وهناك حديث بكذا، هناك آيه يستدل به البعض ما هو الجواب؟ فيجيب هذا بالنسبة لمسألة إذا أمكن طالب العلم أن يصل إلى القول الراجح.

لكني ينبغي أن ننبه على مسألة وهي أن طالب العلم ينبغي عليه أن ينحصر في شيخ يثق بدينه وأمانته حتى يتم الفقه وحتى يتم علم الحديث في الأحكام؛ لأنه لو بدأ بهذه الطريقة سيضيع عليه وقته؛ لأنه سيدخل في مناقشات وردود وأخذ وعطاء، وكم من أدلة هي صحيحة وقوية لكن لم يحسن العالم تصويرها، ومن هنا كان التابعون يجلسون مع الصحابي حتى يتقنون ما عنده، ثم ينتقلون إلى غيره، فأوصى طلبة العلم ألا يدخلوا في هذه الخلافات حتى ولو خالف الغير فأنا أتبع شيخي حتى أضبط وأستطيع أميز، نعم إذا ميزت لزمتك الحجة أما قبل التمييز الآن فتضبط تضبط المسائل ولا تلتفت إلى الخلاف؛ لأن الخلاف لا ينتهي، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرفوا في الأمصار، فإذا ضبطت الفقه كاملاً وانتقلت إلى مرتبة النظر في الأدلة، ضبط الفقه كاملاً العلم بالأحكام، بعد ما تضبط هذا تنتقل بعد ذلك إلى أدلة الأحكام وضبط الدلالات قوة وضعفاً، ومن هنا قد تجد هذه الدلالة ضعيفة في موضع، قوية في موضع آخر، وأنك إذا أخذت بها في هذا الموضع عزيمة واجب عليك أن تأخذ بها، رخصة في موضع آخر، هذا أمر لا يستطيع الإنسان أن يدركه، كم كنا مع مشايخنا نسمع من أقوال تخالف ثم لما توسعنا في الأدلة كنا نعجب من مخالفة مشائخنا للأقوال هذا فلما تبين لنا الحق وجدنا أن مشائخنا على الصواب في كثير من المسائل، وليس هذا تزكية لهم، بل هذه هي الحقيقة والحمد لله وجدنا أنهم قالوا قولهم بأدلة كنا لم نستوعبها أثناء الطلب، فلما توسعت المدارك عذرناهم، وأيضاً كانوا يردون لنا بعض المناقشات وكانت عقولنا لا تستوعب ذلك من الأدلة العقلية الدقيقة المبنية على الشرع فكنا نقول: هذه دلالة عقلية، يعني ما نظن أنها تقوى على النص، فلما درسنا النصوص ودلالالتها ومراتب الدلالة ودرسنا الأدلة العقلية المستنبطة من الشرع إذا تعارضت مع مفاهيم مستنبطة من الأدلة؛ لأنه قد يأتيك مثلاً ويستدل بدليل من باب المفهوم لا من باب المنطوق، والمفهوم هو اجتهاد من الفاهم وتكون الدلالة العقلية قياس على أصل، وحينئذٍ عند من يقوم بتقديم القياس على المفهوم يكون قياسه في بعض الأحيان أقوى، إذاً إذا حصل الخلاف وأمكن طالب العلم أن يميز ميز، وأما إذا لم يمكنه التمييز وجد مثل العامي وجد عالماً يفتي وعالماً يفتي فإما أن يكون العامي يستطيع أن يرجح بصلاح الرجل وتقواه وشهادة الناس له بالخبرة، فوجد أن هذا العالم أشهر وأنه ابتلي بهذا العلم أكثر ونفعه أكثر فيثق فيه أكثر؛ لأن هذه كلها مرجحات؛ لأن إقبال الناس على العلم أكثر من الغير هذا قبول من الله، والمراد بإقبال أهل الشأن وليس إقبال العوام؛ لأن المتساهلين في الشرع يكون إقبال الناس عليهم أكثر، ومن هنا قد يكون الذي يفتي يتساهل في أمور الشرع، ما شاء الله مثل ما قالوا: سوقه ماشي، هذا هو العالم عند العوام؛ لأن العوام لا يريدون حرامًا، شيء فيه حرام ما يقتربون منه، فتجدهم ينفرون من العالم الذي يأخذهم بالشرع ولا يتساهل في دينه، فإذا وجد من يعني ليس من أهل العلم ولكن ممن يتسمى بالعلم ويأخذ بالفتوى ويشتهر قد يكون قليل العلم قليل البضاعة، فمثل هذا لا يرجح بينه وبينهم، وهذا ليس من الترجيح، إنما الذي ذكره العلماء في الأصول في الترجيح بين القولين المتعارضين عند استواء الأدلة قالوا: إنه يرجع إلى صلاح العالم واستقامته وشهادة الناس له، أما الصلاح والاستقامة؛ فلأن الفقه هو الفهم عن الله ورسوله، وإذا كان الشخص أكثر خوفاً وورعاً كان أكثر بصيرة وفرقاناً من الله عز وجل {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير