تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذه المخالفات أدناها يبلغ حد التحريم على الصحيح من مذاهب أهل العلم، إذ النصوص متضافرة على تحريم أي منها، لما تفضي إليه من فساد المعتقد وهدم الأخلاق وكسر حاجز الحياء، واستمراء المحرم والتهوين من شأنه، والاشتغال بالباطل، وإضاعة المال .. ونحو ذلك.

وعليه فأي فيلم اشتمل على شيء من ذلك فهو محرم لايجوز إعداده ولا الاتجار به ولامشاهدته، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، والرضى بالمنكر وإقراره، والغش للنفس والأهل وعموم المسلمين.

وإلى جانب تلك المخالفات، هناك أمران لاينفك عنهما أي من هذه الأفلام وهما: التصوير والتمثيل. والتصوير في أفلام الكرتون أشد منه في الأفلام المصورة؛ لأنه رسم وليس مجرد تصوير فوتوغرافي. والتمثيل في الأفلام المصورة أشد منه في أفلام الكرتون؛ لأنه تمثيل حقيقي، وليس صورة تتحرك. وكلا الأمرين: التمثيل والتصوير فيه محاذير، ولأهل العلم فيه اجتهادات مختلفة، لاختلاف درجات كل منهما، فمنهم من منعهما بإطلاق، لعموم النصوص الواردة، وهي في التصوير أوضح وأصرح منها في التمثيل. والتمثيل بالنظر إلى واقعه وحال المشتغلين فيه، فاسد مفسد للأخلاق والبيوت، إلا النادر منه، وعند بعضهم هذا النادر لاحكم له، ولهذا منعوه بإطلاق.

وليس المقام هنا مقام بسط واستدلال، إذ الكلام في التصوير وأنواعه مستفيض، وكذا التمثيل، والذي يعنينا هنا مايتحرر به الجواب فنقول: استنادا إلى ماذهب إليه جماعات من العلماء من جواز التصوير الفوتوغرافي للحاجة فإننا نرى ـ بالنظر إلى الواقع ـ أن إيجاد البدائل المرئية الهادفة، المشتملة على عناصر النجاح، القادرة على المنافسة في عالم أصبحت فيه الأسر والأطفال تلاميذ على شاشات التلفاز وأفلام الفيديو وصفحات الإنترنت .. نرى أن إعداد مثل هذه المواد حاجة ماسة، ومصلحة راجحة، يغتفر في سبيلها مادونها مما يصنف في خانة المخالفات الشرعية بالنظر الجزئي، وذلك لأمور، منها:

أولا: عموم البلوى بالنظر إلى الأفلام بأنواعها، ومن عامة طبقات المجتمع، ومعلوم أن أغلب مايشاهد -إن لم يكن كله- مما لايتفق وآداب الإسلام، بل هو خارج عن هديه خروجاً كليا أو جزئيا. وليس من الحكمة ولا من النظر السديد أن يترك هؤلاء فريسة لهذه الأفلام الهدامة بحجة أن التصوير مثلا أو التمثيل حرام، في حين أنه تم استثناء بعض الأحوال كالتصوير للتوثيق، والتمثيل للتعليم .. ونحو ذلك. وما نحن بصدده أعظم خطرا في أثره وأولى بالاستثناء والاعتبار.

ثانيا: لا وجه فيما نرى لترك الناس ـ على جهة المعاقبة لهم على إدخال التلفاز أو الدش ـ والتخلية بينهم وبين شياطين الإنس والجن، يعبثون بعقائدهم وأخلاقهم وأعراضهم، ونقف مكتوفي الأيدي، سلبيين، نكتفي بالنقد واللوم والتهديد بالعقاب وبالآثار السيئة، جزاء مافعل الناس بأنفسهم. وهذا وإن كان ضروريا، فإنه غير كاف ـ وبالتجربة ـ في حجز الناس عن الباطل .. بل لابد من العمل الإيجابي ومواجهة الباطل بمثل سلاحه، وإيجاد البديل المقنع، جنبا إلى جنب مع الدعوة والبيان والتحذير، وإلا فإننا لم نستفرغ الوسع في النصح، ولم نتماش مع ما تمليه قواعد الشريعة ومقاصدها؛ يبين ذلك الوجه الثالث.

ثالثا: مع التسليم بوجود بعض المحاذير الشرعية التي لاينفك منها مثل هذا النوع من العمل الإعلامي، فإننا نرى أنها عامل مهم فى تخفيف الشر ومزاحمته، وتخفيف الشر ماأمكن أمر اعتبره الشارع، إذ هو معنى ماتقرر من أن ارتكاب أخف الضررين، ودفع كبرى المفسدتين مصلحة شرعية. وقد جاء الشرع بتحصيل المصالح وتكميلها، ودفع المفاسد وتقليلها. ومع يقيننا أنه لو أمكن ـ عمليا ـ دفع مفاسد الأفلام بمجرد التحذير منها لم نستجز عمل البديل لمجرد التسلية والمتعة، ولكن الواقع ينطق بغير ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير