فهذا البحث اقتصرت فيه على التراجم التي وجد الحكم فيها صريحا من غير نسبة لقائل، بحيث يتأكد الباحث أن ابن ماجه يرى هذه الأحكام، وتوصل إليها باجتهاده، وهذه التراجم منها ما يتعلق بالمسائل الأصولية مباشرة بحيث يقرر فيها حكما أصوليا مثل كلامه في قاعدة القياس، ومنها ما يقرر فيه حكما فقهيا مبنيا على دليله، فيأتي الباحث فيوضح القاعدة الأصولية التي استخرج بواسطتها هذا الحكم من هذا الدليل.
وقد رتبت هذا البحث من: مقدمة، وفصلين، وخاتمة. وهذه المقدمة فيها أهمية الموضوع وحدوده وخطة البحث ومنهجه.
الفصل الأول: آراء ابن ماجه في مباحث الأحكام والأدلة:
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: مدلول لفظ الكراهة.
المبحث الثاني: مدلول لفظ الرخصة.
المبحث الثالث: حجية القياس.
الفصل الثاني: آراء ابن ماجه في دلالات الألفاظ:
وفيه ستة مباحث:
المبحث الأول: تخصيص العام بعلة الحكم.
المبحث الثاني: مفاد صيغة الأمر.
المبحث الثالث: مفاد صيغة النهي.
المبحث الرابع: دلالة صيغة لا تفعل على النهي.
المبحث الخامس: استفادة النهي من ترتيب العقوبة على الفعل.
المبحث السادس: استفادة النهي بوصف ظرف بنقيضه.
الخاتمة: وفيها خلاصة البحث وأهم نتائجه وتوصياته.
أما منهج البحث: فقد ذكرت أولا رأي الإمام ابن ماجه في المسألة الفقهية، ثم ذكرت الدليل الذي اعتمد عليه، ومن ثم استنبطت القاعدة الأصولية التي استخرج بواسطتها هذا الحكم من هذا الدليل.
هذا وأسأل الله - عز وجل - أن يوفقني للقول الصواب والعمل السديد، وأن يجنبني الزلل في القول والعمل، وأن يرزقني النية الصالحة والأجر الجزيل، والرفعة في الدرجات. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = =
الفصل الأول: آراء الإمام ابن ماجه في مباحث الأحكام والأدلة:
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: مدلول لفظ الكراهة.
المبحث الثاني: مدلول لفظ الرخصة.
المبحث الثالث: حجية القياس.
المبحث الأول: مدلول لفظ الكراهة:
أطلق الإمام ابن ماجه حكم الكراهة في عدد من المسائل في تراجم أبواب سننه في بضع عشر موضعا، والأغلب أنه لا يريد بلفظ الكراهة ما اصطلح عليه أخيرا، وإنما يريد بلفظ الكراهة التحريم بحسب المصطلحات الأصولية المتعارف عليها عند المتقدمين، ويدلك على أن الإمام ابن ماجه يقصد التحريم بلفظ الكراهة أمور:
أولها: أنه أطلق لفظ الكراهة في مسائل ورد الحديث بالنهي عنها بلفظ النهي الصريح المفيد للتحريم [سيأتي بحث ذلك مفصلا في المبحث الثالث من الفصل القادم]، ومن ذلك:
قوله: (باب كراهية لبس الحرير) [سنن ابن ماجه ص1187 كتاب اللباس باب رقم 16.]، واستدل عليه بحديث: ((نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الديباج والحرير)).
ومن ذلك: قوله: (باب كراهية المعصفر للرجال) [سنن ابن ماجه ص1191 كتاب: اللباس باب رقم 21.]، واستدل عليه بحديث: ((نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المفدم)).
ومن ذلك: قوله: (باب ما يكره من الأسماء) [سنن ابن ماجه ص1229 كتاب الأدب باب رقم 31.]، وأورد فيه أحاديث صريحة في النهي عن عدد من الأسماء.
ثانيها: أنه أطلق لفظ الكراهة على أفعال في مسائل استدل عليها بأحاديث وردت بترتيب العقوبة على فاعل هذه الأفعال، وهذا مما يدل على تحريم هذا الفعل [سيأتي بحث هذه القاعدة في المبحث الخامس من الفصل الثاني.]، ومن أمثلة ذلك: قوله: (باب كراهية الخلع للمرأة) [سنن ابن ماجه ص 662 كتاب الطلاق باب رقم 21.]، واستدل عليه بحديث: ((لا تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة))، وحديث: ((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة)).
ومن أمثلته: قول ابن ماجه: (باب ما جاء في كراهة الأيمان في الشراء والبيع) [سنن ابن ماجه ص 744 كتاب التجارات باب رقم 30.]، واستدل عليه بحديث: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم)) الحديث.
¥