تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قيل فيه تحريم نظر المرأة إلى الأجنبي مطلقاً، وبعض خصه بحال خوف الفتنة عليها جمعاً بينه وبين قول عائشة: كنت أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم في المسجد، ومن أطلق التحريم قال ذلك قبل آية الحجاب، والأصح أنه يجوز نظر المرأة إلى الرجل فيما فوق السرة وتحت الركبة بلا شهوة وهذا الحديث محمول على الورع والتقوى. قال السيوطي رحمه الله:

كان النظر إلى الحبشة عام قدومهم سنة سبع ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة، وذلك بعد الحجاب فيستدل به على جواز نظر المرأة إلى الرجل انتهى. وبدليل أنهن كن يحضرن الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ولا بد أن يقع نظرهن إلى الرجال، فلو لم يجز لم يؤمرن بحضور المسجد والمصلى ولأنه أمرت النساء بالحجاب عن الرجال، ولم يؤمر الرجال بالحجاب كذا في المرقاة. وقال أبو داود في سننه بعد رواية حديث أم سلمة هذا ما لفظه: هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، ألا ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكثوم. قد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: اعتدى عند ابن أم مكثوم. فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده انتهى. وقال الحافظ في التلخيص: هذا جمع حسن، وبه جمع المنذري في حواشيه واستحسنه شيخنا انتهى. وقال في الفتح: الأمر بالاحتجاب من ابن مكثوم، لعلمه لكون الأعمى مظنة أن ينكشف منه شيء ولا يشعر به، فلا يستلزم عدم جواز النظر مطلقاً. قال: ويؤيد الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار، منتقبات لئلا يراهن الرجال، ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب لئلا يراهم النساء. فدل على مغايرة الحكم بين الطائفتين.

عون المعبود:

وقد استدل بحديث أم سلمة هذا من قال إنه يحرم على المرأة نظر الرجل كما يحرم على الرجل نظر المرأة، وهو أحد قول الشافعي وأحمد قال النووي: وهو الأصح ولقوله تعالى {قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} ولأن النساء أحد نوعي الآدميين فحرم عليهن النظر إلى النوع الآخر قياساً على الرجال ويحققه أن المعنى المحرم للنظر هو خوف الفتنة وهذا في المرأة أبلغ فإنها أشد شهوة وأقل عقلاً فتسارع إليها الفتنة أكثر من الرجل.

واحتج من قال بالجواز فيما عدا ما بين سرته وركبته بحديث عائشة قالت "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا الذي أسأمه فأقد وأقدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو" رواه الشيخان.

ويجاب عنه بأن عائشة كانت يومئذ غير مكلفة على ما تقتضي به عبارة الحديث. وقد جزم النووي بأن عائشة كانت صغيرة دون البلوغ أو كان ذلك قبل الحجاب. وتعقبه الحافظ بأن في بعض طرق الحديث أن ذلك كان بعد قدوم وفد الحبشة وأن قدومهم كان سنة سبع ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة. واحتجوا أيضاً بحديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم وقال إنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده ويجاب بأنه يمكن ذلك مع غض البصر منها ولا ملازمة بين الاجتماع في البيت والنظر.

(قال أبو داوود هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة إلخ): أي حديث أم سلمة مختص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث فاطمة بنت قيس لجميع النساء هكذا جمع المؤلف أبو داوود بين الأحاديث. قال الحافظ في التخليص: قلت: وهذا جمع حسن وبه جمع المنذري في حواشية واستحسنه شيخنا انتهى. وجمع في الفتح بأن الأمر بالاحتجاب من ابن أم مكتوم لعله لكون الأعمى مظنة أن ينكشف منه شيء ولا يشعر به فلا يستلزم عدم جواز النظر مطلقاً. قال ويؤيد الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال ولم يؤمر الرجال قط بالإنتقاب لئلا يراهم النساء، فدل على مغايرة الحكم بين الطائفتين، وبهذا احتج الغزالى

مغني المحتاج:

و " الأصح " جواز نظر المرأة " البالغة الأجنبية " إلى بدن " رجل " أجنبي سوى ما بين سرته وركبته إن لم تخف فتنة " ولا نظرت بشهوة لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها نظرت إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد ولأن ما سوى ما بينهما ليس بعورة منه في الصلاة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير