قلت الأصح التحريم " أي تحريم نظرها تبعا لجماعة من الأصحاب وقطع به في المذهب وغيره كهو " أي كنظر الأجنبي " إليها والله أعلم " لقوله تعالى " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ".
وقد روي عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت كنت عند ميمونة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل ابن أم مكتوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم احتجبا منه فقلت يا سول الله أليس هو أعمى لا يبصر فقال أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه.رواه الترمذي وقال حديث صحيح
تنبيه:
قضية كلامه أنه يحرم على المرأة أن تنظر إلى وجه الرجل وكفيه عند الأمن على الأصح.
قال الجلال البلقيني وهذا لم يقل به أحد من الأصحاب واتفقت الأوجه على جواز نظرها إلى وجه الرجل وكفيه عند الأمن من الفتنة اهـ "
ويدل له حديث عائشة المار لكن المصنف أجاب عنه في شرح مسلم بأنه ليس فيه أنها نظرت إلى وجوههم وأبدانهم وإنما نظرت للعبهم وحرابتهم ولا يلزمه منه تعمد النظر إلى البدن وإن وقع بلا قصد صرفته في الحال
وأجاب عنه غيره بأن ذلك لعله كان قبل نزول الحجاب أو كانت عائشة رضي الله تعالى عنها لم تبلغ مبلغ النساء إذ ذاك وفي وجه ثالث أنها تنظر منه ما يبدو في المهنة فقط إذ لا حاجة إلى غيره وقواه بعضهم لعموم البلوى في نظرهن في الطرقات إلى الرجال ويستثنى على ما صححه المصنف ما إذا قصدت نكاحه فلها النظر إليه قطعا بل يندب كما مر وقول المصنف كهو إليها قد يقتضيه
كشف القناع:
وللمرأة مع الرجل نظر ما فوق السرة وما تحت الركبة " ثم ذكر حديث فاطمة بنت قيس وحديث وعظ النبي لنساء في العيد وذكر ضعف حديث أم سلمة
المغني
فَأَمَّا نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ , فَفِيهِ رِوَايَتَانِ , إحْدَاهُمَا: لَهَا النَّظَرُ إلَى مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ. وَالْأُخْرَى: لَا يَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ مِنْ الرَّجُلِ إلَّا إلَى مِثْلِ مَا يَنْظُرُ إلَيْهِ مِنْهَا. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ نَبْهَانَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: {كُنْت قَاعِدَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَحَفْصَةُ فَاسْتَأْذَنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: احْتَجِبْنَ مِنْهُ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّهُ ضَرِيرٌ لَا يُبْصِرُ قَالَ: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا لَا تُبْصِرَانِهِ ,} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد , وَغَيْرُهُ ; وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ النِّسَاءَ بِغَضِّ أَبْصَارِهِنَّ , كَمَا أَمَرَ الرِّجَالَ بِهِ ; وَلِأَنَّ النِّسَاءَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْآدَمِيِّينَ , فَحَرُمَ , عَلَيْهِنَّ النَّظَرُ إلَى النَّوْعِ الْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى الرِّجَالِ , يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُحَرِّمَ لِلنَّظَرِ خَوْفُ الْفِتْنَةِ , وَهَذَا فِي الْمَرْأَةِ أَبْلَغُ , فَإِنَّهَا أَشَدُّ شَهْوَةً , وَأَقَلُّ عَقْلًا , فَتُسَارِعُ الْفِتْنَةُ إلَيْهَا أَكْثَرَ. وَلَنَا {, قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ , فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى , تَضَعِينَ ثِيَابَكَ فَلَا يَرَاكِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ {. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ , وَأَنَا أَنْظُرُ إلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ {. وَيَوْمَ فَرَغَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ خُطْبَةِ الْعِيدِ , مَضَى إلَى النِّسَاءِ فَذَكَّرَهُنَّ , وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ} ; وَلِأَنَّهُنَّ لَوْ مُنِعْنَ النَّظَرَ , لَوَجَبَ عَلَى الرِّجَالِ الْحِجَابُ , كَمَا وَجَبَ عَلَى النِّسَاءِ , لِئَلَّا يَنْظُرْنَ إلَيْهِمْ. فَأَمَّا حَدِيثُ نَبْهَانَ فَقَالَ أَحْمَدُ: نَبْهَانُ رَوَى حَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ. يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ , وَحَدِيثَ {: إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ , فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ} وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى ضَعْفِ حَدِيثِهِ. إذْ لَمْ يَرْوِ إلَّا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْمُخَالِفَيْنِ لِلْأُصُولِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ:
¥