تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القول الثاني: إنه جائز. وبه قال أكثر العلماء ومنهم الأئمة الأربعة ().

أدلة أصحاب القول الأول:

نظر القائلون بهذا القول إلى الحيض أثناء الحمل، فقاسوا الطلاق فيه على الطلاق في الحيض في غير حمل، وهو محرم بإجماع العلماء، لقوله ? في حديث ابن عمر لما طلق زوجته وهي حائض: (مره فليراجعها. ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر. ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس. فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلَّق لها النساء) ().

واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:

1 - حديث ابن عمر، أنه طلّق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي ? فقال: "مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملاً".

2 - قال الإمام أحمد: أذهب إلى حديث سالم عن أبيه: (ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملاً). فأمره بالطلاق في الطهر أو في الحمل ().

وقال الخطابي: "في الحديث بيان أنه إذا طلقها وهي حامل فهو طلاق للسنة، ويطلقها في أي وقت شاء في الحمل، وهو قول عامة العلماء" ().

3 - لأن الحامل التي استبان حملها قد دخل زوجها على بصيرة حين طلقها، فلا يخاف ظهور أمر يتجدد به الندم. وهو الحمل، وليست بمرتابة؛ لعدم اشتباه وجه العدة عليها. وأما إن طلق الحامل التي لم يستبن حملها ظنًا أنها غير حامل ثم ظهر حملها ربما ندم على ذلك ().

سبق البيان أن الحامل لا تحيض، وما تراه من دم هو دم فساد وعلة، وأن أدلة القائلين بأن الحامل تحيض محتملة غير قاطعة، وما كان كذلك فلا يجوز أن يُبنى عليه حكم شرعي، لأن الحكم الشرعي يبنى على الدليل وليس الظن والاحتمال.

الراجح:

بعد استعراض أدلة أصحاب القول الثالث، وهو قول عامة الفقهاء يتبين أنه القول الراجح، سيما وأنه قد ورد في طلاقها حديث صحيح عند الإمام مسلم: (ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملاً)، وهي زيادة من ثقة ()، فهي مقبولة، مع ضعف أدلة المخالفين، التي لا تصلح ليقوم عليها الحكم بمنع طلاق الحامل.

المبحث الرابع: نفقة الحامل

معنى النفقة لغة وشرعًا:

النفقة لغة: ما أنفقت واستنفقت على العيال وعلى نفسك. وأنفق المال: صرفه ().

وعرّفه ابن الهمام بأنه: "الإدرار على الشيء بما به بقاؤه" ().

حكم نفقة المرأة الحامل المطلقة:

أجمع أهل العلم على أن نفقة المطلقة ثلاثًا (المبتوتة)، أو مطلقة للزوج عليها رجعة وهي حامل واجبة. بدليل قوله تعالى: ? وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ? [الطلاق: من الآية6] ().

الحامل المتوفي عنها زوجها:

اختلف العلماء في نفقة الحامل المتوفي عنها زوجها على قولين:

القول الأول: إن نفقتها من جميع المال الذي ورّثه زوجها حتى تضع حملها. وهذا مروي عن علي وابن عمر وابن مسعود، وشريح والنخعي والشعبي وحماد بن أبي سليمان والحسن وعطاء وقتادة وأبو العالية (). وهو روايه عن أحمد ().

القول الثاني: إنه لا نفقة ولا سكنى للحامل المتوفي عنها زوجها، وهو مروي عن ابن عباس وابن الزبير وجابر بن عبد الله (). وعلى ذلك اتفق الأئمة الأربعة ().

وفي هذه الحالة لا نفقة ولا سكنى للمتوفي عنها، فإنه ينفق عليها من نصيبها من الميراث أو من مالها، إن لم يكن لها نصيب من الميراث لسبب من الأسباب ().

الأدلة:

استدل ابن قدامة لأصحاب القول الأول بالقياس: فهي حامل من زوجها فكانت لها السكنى والنفقة كالمفارقة المطلقة من زوجها ().

واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:

1 - لأن الإجماع انعقد على أن نفقة كل من كان يجبر على نفقته وهو حيّ، مثل أولاده الأطفال وزوجته ووالديه تسقط عنه، فكذلك تسقط عنه نفقة الحامل من أزواجه ().

2 - لأن المال قد صار للورثة، ونفقة الحامل وسكناها إنما هو للحمل أو من أجله، ولا يلزم ذلك الورثة؛ لأنه إن كان للميت ميراث فنفقة الحمل من نصيبه، وإن لم يكن له ميراث لم يلزم وارث الميت الإنفاق على حمل أمرأته، كما لا يلزمه ذلك بعد الولادة ().

المناقشة والترجيح:

يرى الباحث أن الراجح هو سقوط نفقة الحامل المتوفي عنها زوجها.

وقد أجاب ابن حزم على من أوجب النفقة من جميع المال للمتوفي عنها بقوله: إنه خطأ لا خفاء به؛ لأن مال الميت ليس له، بل قد صار لغيره، فلا يجوز أن ينفق على امرأته من مال الغرماء أو من مال الورثة أو مما أوصى به لغيرهما. وهذا عين الظلم ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير