تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القول الثَّالث ـ وهو اختيار شيخ الإسلام (3) وجماعة من أهل العلم (4) ـ: أنه لا ينجس إلا بالتَّغيُّر مطلقاً؛ سواء بلغ القُلَّّتين أم لم يبلغ، لكن ما دون القلّتين يجب على الإنسان أن يتحرَّز إذا وقعت فيه النَّجَاسة؛ لأنَّ الغالبَ أنَّ ما دونهما يتغيَّر.

وهذا هو الصحيح للأثر، والنَّظر:

فالأثر قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "إن الماء طَهُور لا ينجِّسُهُ شيءٌ" ولكن يُستثنى من ذلك ما تغيَّر بالنَّجَاسة فإنه نجسٌ بالإجماع. وهناك إشارة من القرآن تدُلُّ على ذلك قال تعالى: حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به {المائدة: 3} وقال تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على" طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس {الأنعام: 145} فقوله: "فإنه رجس" معلِّلاً للحكم دليلٌ على أنه متى وُجِدَت الرجسيةُ ثبت الحكم، ومتى انتفت انتفى الحكم. فإذا كان هذا في المأكول فكذلك في الماء.

فمثلاً: لو سقط في الماء دم مسفوح فإذا أثَّر فيه الدَّمُ المسفوح صار رجساً نجساً، وإذا لم يؤثِّر لم يكن كذلك.

ومن حيث النَّظرُ: فإن الشَّرع حكيم يُعلِّل الأحكام بعللٍ منها ما هو معلوم لنا؛ ومنها ما هو مجهول. وعِلَّةُ النَّجاسة الخَبَثُ. فمتى وُجِد الخَبَثُ في شيء فهو نَجِسٌ، ومتى لم يوجد فهو ليس بنجس، فالحكم يدور مع عِلَّته وجوداً وعدماً.

فإن قال قائل: من النَّجاسات مالا يُخالف لونُه لونَ الماء؛ كالبول فإنه في بعض الأحيان يكون لونُه لونَ الماء.

فالجواب: يُقدَّر أن لونَه مغايرٌ للون الماء، فإذا قُدِّر أنه يغيّر لونَ الماء؛ حينئذٍ حكمنا بنجاسة الماء على أن الغالب أن رائحته تغيِّر رائحة الماء، وكذا طعمه.

وأما حديث القُلَّتين فقد اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه. فمن قال: إنه ضعيف فلا معارضة بينه وبين حديث: "إن الماء طَهُور لا ينجِّسه شيء"؛ لأن الضَّعيف لا تقوم به حُجَّة.

وعلى القول بأنه صحيح فيقال: إن له منطوقاً ومفهوماً. فمنطوقه: إذا بلغ الماء قُلتين لم ينجس، وليس هذا على عمومه؛ لأنه يُستثنى منه إذا تغير بالنَّجاسة فإنه يكون نجساً بالإجماع.

ومفهومه أن ما دون القُلّتين ينجس، فيقال: ينجس إذا تغيَّر بالنَّجاسة؛ لأن منطوق حديث: "إن الماء طَهُور لا يُنَجِّسُه شيء" مقدَّم على هذا المفهوم، إذ إنَّ المفهوم يصدق بصورة واحدة، وهي هنا صادقة فيما إذا تغيَّر.

وأما الاستدلال على التَّفريق بين بول الآدمي وعَذِرَتِه وغيرهما من النَّجاسات بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدَّائم ثم يغتسل فيه".

فيقال: إن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لم يقل: إنه ينجس، بل نهى أن يبول ثم يغتسل؛ لا لأنه نجس، ولكن لأنَّه ليس من المعقول أن يجعل هذا مَبَالاً ثم يرجع ويغتسل فيه. وهذا كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "لا يجلدُ أحدُكم امرأته جَلْدَ العبد؛ ثم يضاجعُها" (1) فإنَّه ليس نهياً عن مضاجعتها؛ بل عن الجمع بينهما فإنه تناقض.

والصَّواب: ما ذهب إليه شيخ الإسلام للأدلة النَّظرية والأثريَّة.

ـ[محمود بن محمد ريان]ــــــــ[13 - 02 - 07, 10:21 ص]ـ

كُفيت يا أخي بارك الله فيك ونفع بعلمك

ـ[أبو الدرداء ياسين]ــــــــ[13 - 02 - 07, 03:17 م]ـ

ومفهومه أن ما دون القُلّتين ينجس، فيقال: ينجس إذا تغيَّر بالنَّجاسة؛ لأن منطوق حديث: "إن الماء طَهُور لا يُنَجِّسُه شيء" مقدَّم على هذا المفهوم، إذ إنَّ المفهوم يصدق بصورة واحدة، وهي هنا صادقة فيما إذا تغيَّر.

.

مفهوم حديث القلتين أن الماء إذا كان دون قلتين فإنه مظنة لحمل النجاسة وليس أنه ينجس و هذا المفهوم لا يتعارض مع قوله إن الماء طهور لا ينجسه شيء ..

و حديث القلتين هو حديث صحيح و قد صححه الشيخ الألباني رحمه الله ..

ـ[الهيتي]ــــــــ[16 - 02 - 07, 02:30 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....

دلالة حديث القلتين على نجاسة ما دونها هو دلالة مفهوم (أي من مفهوم المخالفة) ,أما دلالة حديث"ان الماء طهور لا ينجسه شئ "هي دلالة لفظ (أو منطوق) وهذه الأخيرة أقوى في الأستدلال ,وعلى هذا فأن الماء لا ينجس الاّ اذا تغير.

لكن هناك حديث آخر أوضح في نجاسة ما دون القلتين بمجرد الملاقاة وهو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "طهور إناء أحدكم اذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعا اولاهن بالتراب" وهو في صحيح مسلم ,وفي لفظ آخر لمسلم أيضا:"فليرقه",ومن هذا الحديث يظهر تنجس الماء القليل بمجرد الملاقاة لسببين:

1 - لفظ"طهور" وهذا فيه دلالة على ان الماء قد تنجس.

2 - اللفظ الآخر"فليرقه" فلو لم يتنجس لم يؤمر بإراقته.

هذا ما فهمته من الجمع بين الأحاديث الواردة في هذه المسألة.

والله تعالى أعلم وأحكم ....

ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[16 - 02 - 07, 05:18 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله:

الشافعي رحمه الله يثبت " النجاسة التعبديه " وهي ثبوت حكم النجاسة مع انتفاء عين الخبث وذلك في حديث ولوغ الكلب ومن يثبت هذه النجاسة خاصة للكلب لا يثبتها لغيرها و لكن هناك من اثبتها للخنزير قياسا وهو غير صحيح.

تماما كما أن هناك "طهارة تعبديه" وهي التيمم فالناس تغتسل من التراب وانت تتطهر به! فهو طهور على الحقيقة ولكنه طهور تعبدي يوجد أثر حكم التطهر به ولا توجد " عين طهارته ".

فالمسألة تعتمد ليس على التوفيق بين النصوص المسألة ترتبط بـ: " إثبات وجود النجاسة التعبدية في الشريعة " فإن اثبتها أي أثبت أن هناك أشياء تكون نجسة بالحكم دون وجود عين النجاسة صار لازما لك أن تأخذ بحديث القلتين و إن نفيت ذلك فقل ما شئت!.

من الأمثلة على النجاسة التعبديه:

سؤر الكلب = لا لون له و لا طعم و لا رائحة.

لمس الذكر = هو ليس نجاسة بل ناقض تعبدي علل بلمسه بشهوه وغير ذلك وهو غير صحيح لان الاحاديث ذكرت اللمس مطلقا. فهو من جنس أحكام النجاسات التعبديه.

.

والله اعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير