الأمر الأول: أنا هناك مسائل ومباحث كثيرة مشتركة بين العلمين مثل التكليف وشروطه والأحكام التكليفية وارتباطها بالمقاصد، وكذا مباحث الأدلة فالقرآن مصدر للمقاصد العامة والجزئية والسنة قولا وفعلا تدل على المقاصد، والإجماع مقصد شرعي يرفع الخلاف ويستند إلى مصادر المقاصد كالقرآن والسنة والقياس والمصالح،وكذا قول الصحابي لعلمهم وفقههم بمقاصد الشرع، والعمل بالعرف يحقق المقاصد الشرعية من رفع الحرج والتيسير على الخلق كما انه يستند إلى المصلحة في بعض مسائله ومنها تغير الأحكام بتغير المصالح، أما علاقة المقاصد بالقياس والمصلحة المرسلة وسد الذرائع (التي هي وسائل المقاصد) والاستحسان فظاهرة وكذا مراعاة الخلاف عند المالكية والاحتياط عند الجمهور كلها تعتمد المقاصد وهي مباحث أصولية تبحث في الادلة، وكذا الحال في باب الأوامر والنواهي حيث يعتمد المر والنهي على المصالح والمفاسد كما قرر كثير من الأصوليين، وكذا في باب الاجتهاد اشترط كثير من الأصوليين كالقرافي والشاطبي علم المجتهد بالمقاصد وكثير من مسائل الاجتهاد ترتبط بالمقاصد مثل هل المصيب واحد أو الكل مصيب؟ والأخذ بفتوى الأصلح للفتوى، والاجتهاد ينقض إذا خالف القواعد الشرعية التي هي المقاصد، وفي باب التعارض والترجيح يظهر الاعتماد على المقاصد في ذلك في الترجيح بين الأحكام التكليفية استنادا للمقاصد والترجيح بين خبر الاحاد والقياس عند المالكية والترجيح بين العلل في القياس والترجيح بين المفتين وغير ذلك كله يذكر فيه الأصوليون أن من المرجحات الاعتماد على المقاصد والمصالح الشرعية.
الأمر لثاني: أن العلمين بينهما إرتباط من الناحية التاريخية فعلم المقاصد إنما برز مع علم الأصول بل إنها تعتمد في وجودها على أصول الفقه.
لكن الأظهر أن علم المقاصد علم مستقل وما ذكر في هذين الأمرين لايعني أنه جزء من أصول الفقه كما أن تخريج الفروع على الأصول والفقه والقواعد الفقهية لها إرتباط بأصول الفقه في كثير من المسائل وربما تكون ثمرة لأصول الفقه لكنها علوم مستقلة.
وفي علم المقاصد مباحث لا ترتبط بأصول الفقه ولها علاقة بعلوم أخرى مثل المقاصد الجزئية للأحكام مرتبطة بالفقه ومثل مقصد رفع الحرج والتيسير على المكلفين ورفع الضرر ونحوها هي مقاصد لكنها ترتبط بعلم القواعد الفقهية لا أصول الفقه.
ـ[حليل نعراني]ــــــــ[28 - 02 - 07, 10:33 م]ـ
بارك الله فيك يا ابا حازم على هذا الكلام الدقيق في الموضوع
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[01 - 03 - 07, 07:17 ص]ـ
بارك الله فيك أخي حليل ونفع بك
لكن مع كونه بديهياً ألا ترى في الساحة ذلك الخلط والتخبط
فعندما يقول أحدهم: (وثنيون هم عبدة النصوص)!! فيصادم النصوص لتحقيق مقاصد وهمية ..
وعندما يأتي آخر فيهمل مقاصد الشريعة ليجمد على ظاهر نص لا يفيد ما يستدل به ...
أليس هذا كله يدعونا للتأكيد على ذلك؟!
وكل ما ذكرته أنت صحيح لا غبار عليك .. نفع الله بك ووفقك للخير.
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[06 - 01 - 08, 05:08 م]ـ
موضوع جيد وكلام دقيق
ـ[احمد الفاضل]ــــــــ[07 - 01 - 08, 10:49 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[البتول]ــــــــ[23 - 01 - 08, 08:19 م]ـ
السلام عليكم
علم المقاصد ليس علما مستقلا بل هو ثمرة لعلم أصول الفقه، فالشاطبي في الموافقات أتى من كلام الجويني والغزالي والباقلاني وغيرهم من أرباب علم الأصول، ومن مثل هؤلاء نهل رحمه الله تعالى، ولكن نجم الشاطبي بزغ من خلال سعة ملكته الفقهية، فبتتبعه للجزئيات وجد أن تطبيقات القواعد الأصولية توصل إلى أحكام لها مقاصد أرادها الله تعالى، أي أنت الفقيه له آلة الأصول وينبغي له مراعاة المصالح والمفاسد المترتبة على تشريع ذلك الحكم، والخلطالواقع في الفصل بين العلمين ينبئ عن قله علم بالفقه وأصوله، إذ من المعلوم أن أحكام الله تعالى معللة بالمصالح، ولكن الإشكال: كيف السبيل للوصول إلى الحكم الشرعي؟
طبعا الجواب أن قواعد الأصول هي الدليل الموصل إلى ذلك الحكم، ومن كثرة الاعتماد على الأصول أحيانا قد تزل قدم الفقيه، ويغفل عن مقاصد الأحكام، وهو ما حدث في عصور ما قبل الشاطبي، حيث اشتغلوا بالقواعد الأصولية بمنأى عن مقاصد الأحكام التي هي جزء لا يتجزأ من أصول الفقه، فجاء الشاطبي وأشار إلى أن المقاصد هي الهدف الأول والأخير للفقيه في الاجتهاد، أي أن الفقيه قد يعتمد قاعدة في الأوامر أو النواهي او العموم والخصوصأو غيرها، ولكن إذا لم يربط اجتهاده بمراعاة المقاصد فإنّه قد يزل، بل قد يتأكد ذلك من خلال ما عناه الفقه الإسلامي من الحرفية و الظاهرية حتى عند الفقهاء المتبعين لغير المذهب الظاهري، فاعتمدوا القواعد بمعزل عن المقاصد
والخلاصة أنّ لكل حكم مقصدا شرعيا، والسبيل الموصل إلى الحكم ودليله عبارة عن قاعدة أو قواعد أصولية يجمعها الفقيه في ذهنه مراعيا المقصد لينتج لنا اجتهادا صحيحا موصلا إلى مراد الله تعالى. والله تعالى أعلم. أخوكم حبيب
¥