هاهنا أحب أن أنبه إلى أن الأصل اعتبار الأدلة الظاهرة و الأصول البينة وإجراء الأحكام عليها مالم يأت دليل ظاهر يصرف عن مقتضاها بتخصيص أو تقييد أو نسخ.
فإذا نظرنا إلى أدلة وجوب الجماعة وجدناها ثابتة بلا خلاف، قوية الدلالة على مدلولها، حتى أوجب الله الجماعة على المجاهدين وهم خائفون في مواجهة الأعداء و أكثر ذلك يكون في السفر كما نبه عليه بعض الإخوة.
فإذا كان الأمر كذلك فينبغي على من ادعى استثناء المسافر من عموم هذه النصوص بل و من خصوص بعضها أن يأتي بدليل الاستثناء الذي يبلغ في صحته و ظهور دلالته مبلغ النصوص الموجبة.
إذا تقرر هذا فلم أر في أدلة القائلين بعدم وجوب الجماعة على المسافر دليلا أقوى من حديث الرجلين اللذين لم يصليا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف.
وتقرير دلالة هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر عليهما ترك الصلاة مع الجماعة حال كونهما في المسجد أثناءها و لم ينكر عليهما صلاتهما في رحالهما، فدل هذا على عدم وجوب الجماعة عليهما، فيكون ذلك دليلا على عدم وجوب الجماعة على المسافر.
هذا تقرير الاستدلال، وهو عندي غير سديد لوجوه:
الأول: أن الحديث ليس فيه أنهما صليا منفردين، بل غاية ما فيه أنهما صليا في رحالهما، فيحتمل أن يكونا قد صليا جماعة، فغاية ما في الحديث أنه يجوز لهما أن يصليا جماعة في رحالهما و لا يلزمهما أن يأتيا إلى المسجد، وهذا قول طائفة من أهل العلم قديما و حديثا، و لم يفرق بعضهم في هذا الحكم بين المقيم و المسافر و هي رواية عن الإمام أحمد.
الثاني: أنه ليس في الحديث ما يدل على أن ترك الإنكار عليهما في صلاتهما في رحالهما من أجل السفر، لا من قريب و لا من بعيد، فيحتمل أن ترك الإنكار لأمر آخر، لكونهما معذورين أو لكونهما ظنا أنهما لن يدركا الجماعة فصليا ثم أتيا و من المعلوم أنه لم يكن لديهم ساعات يحددون بها موعد الأذان و الإقامة.
الثالث: أن الحديث واقعة عين يدخلها الاحتمال، كما يدخلها احتمال اختصار الراوي لبعض الحديث أو نحو ذلك، وبهذا يسقط الاستدلال به لأنه مع الاحتمال يسقط الاستدلال كما هو معلوم.
الرابع: أن أدلة إيجاب الجماعة أقوى من هذا الحديث ثبوتا و دلالة، فلا ينبغي ترك مقتضاها و الأخذ بمقتضى هذا الحديث لو سلمنا أن مقتضاه عدم الوجوب.
أما الحديث الذي استدل به الشيخ الألباني - رحمه الله - فلا دلالة فيه لما ذكره أخي أبو عبد الرحمن الطيار جزاه الله خيرا، و لأن الدليل أخص من الدعوى، كما أن الحديث في صحته نظر، فقد تفرد به اثنان من الضعفاء بأسانيد مثل نجوم السماء من طريق مالك ومن طريق نافع، فسبحان الله أين كبار الحفاظ من أصحاب مالك و نافع عنها؟!
فهل يصلح ترك مقتضى الأدلة الظاهرة الثابتة في الكتاب و السنة لمثل هذه الأحاديث التي صحيحها غير صريح فضلا عن ضعيفها؟!
هذا ما تيسر لي في هذه العجالة و الله الموفق للصواب.
قبل مناقشة كلامك -أخي الفاضل- أريد أن تبيِّن قولك في حكم الجمعة للمسافر. بارك الله فيك
ـ[ماجد العزيزي]ــــــــ[01 - 03 - 08, 09:37 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول البشرية محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وبعد:
من خلال أسفاري ورحلاتي أجد بعض طلبة العلم يتهاون أو يتخلف عن صلاة الجماعة (في المسجد) وإذا نوقش في ذلك قال بملء فمه أنا مسافر
ونحن جماعة والأمر سهل ويضرب مثلا بتجويز بعض العلماء الصلاة في المصليات في الدوائر الحكومية مع أن مثاله لايستقيم
وهذا الأمر يكثر في العطل والمناسبات فتجدهم يقبعون في الاستراحات والفنادق بل وفي جوار بيت الله الحرام والمسلمون يصلون في مساجدهم
ولاأدري بماذا يجيبون عن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر يقول ابن عباس العذر خوف أو مرض
أرجوا من المشائخ والإخوة الفضلاء أن يبينوا هل لهذا الفعل أصل؟؟؟؟
إن الحديث الذي ذكرته صححه الألباني ولكن حول فقه كما قال الشيخ العلامة (عبدالعزيز بن باز) -رحمه الله-
وهو قول الجمهور [أي لا صلاة له كاملة ولهذا فإن من صلى في منزله فصلاته صحيحه غير أنها ناقصه]
وهذا الحديث والله أعلم أنه يختص بالمقيم والمسافر ايضاً
أما مسألة صلاة الجماعة في السفر:
أولاً: ننظر الى هذا الشخص مَن مِن أهل العلم يأخذ بقوله فإذا قال:
1 - ابن عثيمين: نقول له نعم ابن عثيمين قال ((القول الراجح أنها لا تتحدد بمدة فمتى كان الإنسان مسافراً عازمٌ على الرجوع إلى بلده ولكنه حبسه حاجةٌ أو تجارةٌ أو نحو ذلك فهو في حكم المسافر كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله)) [فتاوى نور على الدرب]
ولكنه في نفس الفتوى قال ((ولكن إذا كان في بلد تقام فيها الجماعة وهو يسمع النداء فإنه يجب عليه حضور الجماعة)) [نفس الفتوى السابقة]
2 - الألباني: نقول له نعم الألباني قوله في المسألة ايضا معروف وهو ان المسافر له أن يترخص برخص السفر ما لم ينو الإقامة أربعة أيام فأكثر ولكن ايضا يسقط وجوب صلاة الجماعة عن المسافر.
ولكن الكثير من الشباب (المستقيم) يأخذون الشطر الأول من فتوى ابن عثيمين ويلصقونه بالشطر الثاني من فتوى الألباني: هكذا يصبح الناتج ((القول الراجح أنها لا تتحدد بمدة فمتى كان الإنسان مسافراً عازمٌ على الرجوع إلى بلده ولكنه حبسه حاجةٌ أو تجارةٌ أو نحو ذلك فهو في حكم المسافر كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - و يسقط وجوب صلاة الجماعة عن المسافر))
=فالله المستعان=
¥