فالقول بالمصالح المرسلة يشرع في الدين ما لم يأذن به الله غالبا. بل إن النصارى إنما ضلوا بجعل المصالح من شرعهم. [مجموع فتاوى شخ الإسلام ابن تيمية، 11/ 342].
الدليل الثاني عشر: أن القول بالاستصلاح يشبه في كثير من الوجوه التحسين العقلي، فالتحسين العقلي قول بأن العقل يدرك الحسن وحده، والحسن هو المصلحة. فالقول بالاستصلاح من جنس قول المعتزلة بالتحسين العقلي.
الدليل الثالث عشر: أن العقول تختلف فبعض العقول تجعل المصلحة في جانب، وعقول أخرى تجعل المصلحة في جانب مناقض له، فأيهما يعتمد والمصالح أمور تقديرية تختلف باختلاف الآراء والعقول والبيئات.
7 - شروط اعتبار المصلحة عند من قال بها:
1 - عدم معارضة دليل أقوى منها من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس.
2 - اعتبار الشارع لجنس المصلحة، فتكون المصلحة المرسلة ملائمة لتصرفات الشرع. وإن لم يكن لها أصلا معينا.
3 - أن يكون المحدد للمصلحة مجتهدا؛ لأن تقدير المصالح من باب الاجتهاد وشروط الاجتهاد لا بد من توفرها فيه.
4 - أن تكون المصلحة حقيقة لا وهمية، ويعرف ذلك بإنعام النظر والبحث والاستقراء.
5 - أن تكون المصلحة عامة لا شخصية.
6 - أن لا يكون للأهواء والشهوات فيها مدخل.
7 - أن لا تكون في العبادات ولا في المقدرات.
قال الذين يحتجون بالمصالح المرسلة: إنه باستكمال المصلحة لهذه الشروط لا يبقى لمن منع الاحتجاج بها دليل صحيح. مما يدل على حجية الاستصلاح.
وهذا فيه نظر من جهتين:
الأولى: أن هناك أدلة للمانعين من الاحتجاج بالمصالح المرسلة لا تزول، كالاستدلال باستكمال الشرع للمصالح، والاستدلال بخفاء وجوه الضرر والصلاح، وشبه الاستصلاح بالتحسين العقلي، واختلاف العقول.
الثاني: أن المانعين للاحتجاج بالاستصلاح يكفيهم التمسك بالأصل، فالأصل عدم حجية ما يستدل به الخصم، حتى يقيم الخصم الدليل الصحيح القوي.
8 - الترجيج:
بالنظر في أدلة الفريقين: وجدت أنه لا حاجة إلى تقرير الاستصلاح دليلا مستقلا، بل يكفي عنه عدة قواعد أخرى صحيحة منها:
أ - ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ب - الوسائل لها أحكام المقاصد.
ج - الأصل في العقود والشروط الجواز والصحة.
د - تصرف الإمام منوط بالمصلحة. (ومثله أهل الولايات في ولاياتهم).
هـ - صحة العمل بالقرائن في الأحكام والقضية.
9 - ثمرة الخلاف:
ذكر في: " تخريج الفروع على الأصول " مثال واحد لهذه المسألة (المسألة السادسة من كتاب الجراح)، وذكر الدكتور مصطفى الخن في: " أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء" مثالين، والدكتور مصطفى البغا في: " أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي " ذكر خمسة عشر مسألة ردها إلى الاختلاف في الأخذ بالمصلحة المرسلة، ويمكن رد النزاع في جميع هذه الأمثلة إلى أصول أخر.
هذا ما يبدو لي والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.
المصدر: ((مجلة البحوث الإسلامية)) ع:47 ص 276
ـ[ابو حفص النفيسي]ــــــــ[21 - 03 - 07, 01:36 م]ـ
جزاك الله خير على هذا الجهد
ـ[ابو حفص النفيسي]ــــــــ[21 - 03 - 07, 01:39 م]ـ
الله يغفر لك
ـ[أبو عبد الله الزبيدي]ــــــــ[29 - 03 - 07, 04:24 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[30 - 03 - 07, 10:30 م]ـ
الله يغفر لك
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[11 - 04 - 07, 03:08 ص]ـ
بوركت.