وفى المدونة: قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِهِ عِنْدَ مَحِلِّهَا لِيُفَرِّقَهَا فَتَضِيعُ مِنْهُ: إنَّهُ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فَهَذَا يَجْمَعُ لَكَ كُلَّ شَيْءٍ.
وفى حاشية الصاوى:
قَوْلُهُ: [فَرَّطَ]: حَاصِلُهُ: أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْحَوْلُ وَأَخَّرَ تَفْرِقَتَهَا عَنْ الْحَوْلِ - مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّفْرِقَةِ - فَتَلِفَتْ، سَوَاءٌ تَلِفَ أَصْلُهَا أَمْ لَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الزَّكَاةَ لِتَفْرِيطِهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِهَا]: أَيْ إذَا لَمْ يَجِدْ فُقَرَاءَ يَأْخُذُونَهَا فَوَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِهَا، فَيَضْمَنُ إنْ ضَاعَتْ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ مُسْتَحِقِّيهَا وَأَخَّرَهَا عَنْهُمْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إنْ ضَاعَتْ وَلَوْ فِي حِرْزِهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الْأَمْوَالَ السِّنِينَ الْعَدِيدَةَ ثُمَّ تَأْتِيهَا جَائِحَةٌ فَإِنَّ زَكَاةَ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَمِهِمْ لَا يَخْلُصُونَ مِنْهَا إلَّا بِأَدَائِهَا.
قال العلامة ابن عثيمين فى شرح الزاد: -
قوله: "ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في البيدر، فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت". أي: لا يستقر وجوب الزكاة إلا بجعلها في البيدر.
"البيدر" هو المحل الذي تجمع فيه الثمار والزروع، ويسمى الجرين والبيدر؛ وذلك أنهم كانوا إذا جذوا الثمر جعلوا له مكاناً فسيحاً يضعونه فيه، وكذلك إذا حصدوا الزرع جعلوا له مكاناً فسيحاً يدوسونه فيه، فلا يستقر الوجوب إلا إذا جعلها في البيدر.
والدليل على أن استقرار الوجوب يكون بجعلها في البيدر قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}؛ وإذا حصد الزرع فإنه يجعل في البيادر فوراً.
فإن تلفت بعد بدو الصلاح، واشتداد الحب، وقبل جعلها في البيدر، فإنها تسقط ما لم يكن ذلك بتعدٍ منه أو تفريط، فإنها لا تسقط.
وإذا جعلها في البيدر فإنها تجب عليه، ولو تلفت بغير تعد ولا تفريط؛ لأنه استقر الوجوب في ذمته فصارت ديناً عليه.
وعلى هذا فيكون لتلف الثمار والزرع ثلاث أحوال:
الحال الأولى: أن يتلفا قبل وجوب الزكاة، أي: قبل اشتداد الحب وقبل صلاح الثمر، فهذا لا شيء على المالك مطلقاً، سواء تلف بتعد أو تفريط، أو غير ذلك، والعلة عدم الوجوب.
الحال الثانية: أن يتلفا بعد وجوب الزكاة، وقبل جعله في البيدر، ففي ذلك تفصيل: إن كان بتعد منه أو تفريط ضمن الزكاة، وإن كان بلا تعد ولا تفريط لم يضمن.
الحال الثالثة: أن يتلفا بعد جعله في البيدر، أي: بعد جَذِّهِ ووضعه في البيدر، أو بعد حصاده ووضعه في البيدر، فعليه الزكاة مطلقاً؛ لأنها استقرت في ذمته فصارت ديناً عليه، والإنسان إذا وجب عليه دين، وتلف ماله فلا يسقط عنه.
والتعدي: فعل ما لا يجوز.
والتفريط: ترك ما يجب.
فمثلاً لو أن الرجل بعد أن بدا الصلاح في ثمر النخل، وقبل أن يجعله في البيدر، أهمله حتى جاءت السيول، فأمطرت وأفسدت التمر فيقال: هذا مفرط، ولو أنه أشعل النار تحت الثمار فهذا متعدٍّ؛ لأنه فعل ما لا يجوز.
،، واما عن قولك:
فابن حزم يري أن الزكاة وجبت في ذمته حين الخرص لكن وقت الأداء لم يأت بعد لذا أطلق يده علي الثمرة بالبيع حتي لو باعها كلها فعلي هذا هي دين في ذمته وإلا فليقال لا يبع ما يعادل العشر أو نصف الغشر من النصاب!!
حاصل هذا القول، مبنى على اعتبار ان الزكاة واجبة فى الذمة وليس فى عين المال، وهما قولان للعلماء
قال الشيخ صالح - رحمه الله فى شرح الزاد:-
قوله: "وتجب الزكاة في عين المال، ولها تعلق بالذمة" اختلف العلماء - رحمهم الله - هل الزكاة واجبة في الذمة، أو واجبة في عين المال؟
فقال بعض العلماء: إنها واجبة في الذمة، ولا علاقة لها بالمال إطلاقاً.
بدليل أن المال لو تلف بعد وجوب الزكاة لوجب على المرء أن يؤدي الزكاة.
وقال بعض العلماء: بل تجب الزكاة في عين المال، لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] ولقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ حين بعثه لليمن: "أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم" فالزكاة واجبة في عين المال.
¥