وكلا القولين يرد عليه إشكال؛ لأننا إذا قلنا: إنها تجب في عين المال صار تعلقها بعين المال كتعلق الرهن بالعين المرهونة، فلا يجوز لصاحب المال إذا وجبت عليه الزكاة أن يتصرف فيه، وهذا خلاف الواقع، حيث إن من وجبت عليه الزكاة له أن يتصرف في ماله، ولو بعد وجوب الزكاة فيه لكن يضمن الزكاة.
وإذا قلنا: بأنها واجبة في الذمة، فإن الزكاة تكون واجبة حتى لو تلف المال بعد وجوبها من غير تعد ولا تفريط وهذا فيه نظر أيضاً.
فالقول الذي مشى عليه المؤلف قول جامع بين المعنيين، وهو أنها تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة، فالإنسان في ذمته مطالب بها، وهي واجبة في المال ولولا المال لم تجب الزكاة، فهي واجبة في عين المال.
.................
وعلى القول بأن الزكاة تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة، فإنه يجوز لمن وجبت عليه الزكاة أن يبيع المال، ولكن يضمن الزكاة، ويجوز أن يهبه ولكن يضمن الزكاة؛ لأن هذا التعلق بالمال ليس تعلقاً كاملاً من كل وجه حتى نقول: إن المال الواجب فيه الزكاة كالموهوب، بل لها تعلق بالذمة.
،، قلت: فهذا القول قد جمع بين القولين، وهو الارجح وهو الموافق للاجماع الذى حكاه ابن المنذر
فوقت وجوب الزكاة فى التمر هو وقت زهو الثمر، وهو بدء ظهور الاحمرار، ولكن اداؤها فى وقت اتمارها، وهى فى ذلك الوقت بينهما اما ان تكون امانة عند صاحب الثمر فلا يضمنها، او مضمونة بشرط الآداء وفى ذلك هو فيها بالتصرف حيث اراد
قال فى شرح المنهاج:-
وَلَيْسَ هَذَا التَّضْمِينُ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ جَمِيعُ الثِّمَارِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ سُرِقَتْ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْجَرِينِ قَبْلَ الْجَفَافِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَطْعًا لِفَوَاتِ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصَابًا زَكَّاهُ أَوْ دُونَهُ أَخْرَجَ حِصَّتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ، فَإِنْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ ضَمِنَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَقْصِيرِهِ مَعَ تَقَدُّمِ التَّضْمِينِ لِبِنَاءِ أَمْرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ؛ لِأَنَّهَا عُلْقَةٌ ثَبَتَتْ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ فَبَقَاءُ الْحَقِّ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ
قلت:
فالقول بان الزكاة تثبت فى الذمة وليس فى عين المال، يرده حديث خرص حديقة المرأة اثناء غزوة تبوك،
اخرج البخارى:عن أبي حميد الساعدي قال
: غزونا مع النبي صلى الله عليه و سلم غزوة تبوك فلما جاء وادي القرى إذا امرأة في حديقة لها فقال النبي صلى الله عليه و سلم لأصحابه (اخرصوا). وخرص رسول الله صلى الله عليه و سلم عشرة أوسق فقال لها (أحصي ما يخرج منها). فلما أتينا تبوك قال (أما إنها ستهب الليلة ريح شديدة فلا يقومن أحد ومن كان معه بعير قليعلقه). فعلقناها وهبت ريح شديدة فقام رجل فألقته بجبل طيئ. وأهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه و سلم بغلة بيضاء وكساه بردا وكتب له ببحرهم فلما أتى وادي القرى قال للمرأة (كم جاءت حديقتك). قالت عشرة أوسق خرص رسول الله صلى الله عليه و سلم.
قال العينى فى شرح البخارى -:
عن حديث الباب أنه أراد بذلك معرفة مقدار ما في نخل تلك المرأة خاصة ثم يأخذ منها الزكاة وقت الصرام على حسب ما تجب فيها وأيضا فقد خرص حديقتها وأمرها أن تحصي وليس فيه أنه جعل زكاته في ذمتها وأمرها أن تتصرف في ثمرها كيف شاءت وإنما كان يفعل ذلك تخويفا لئلا يخونوا وأن يعرفوا مقدار ما في النخل ليأخذوا الزكاة وقت الصرام هذا معنى الخرص فأما أنه يلزم به حكم شرعي فلا.
وقال ابن حجر - رحمه الله تعالى:
في هذا الحديث مشروعية الخرص وقد تقدم ذكر الخلاف فيه أول الباب واختلف القائلون به هل هو واجب أو مستحب فحكى الصيمري من الشافعية وجها بوجوبه وقال الجمهور هو مستحب إلا إن تعلق به حق لمحجور مثلا أو كان شركاؤه غير مؤتمنين فيجب لحفظ مال الغير
،، قلت فعلى ذلك ان لم يكن ثم خرص، فكيف تثبت الزكاة فى ذمة رب الثمر، وما المقدار الذى يثبت فى ذمته؟.!!
¥