[بعض ما جاء عن المالكية في كتاب الغزالي]
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[30 - 10 - 09, 12:59 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
فإن الكثير من الصوفية في بلاد المغرب (وليس المغاربة كلهم) يدعون أنهم على درب الإمام مالك – رحمه الله - سائرون، ولمنهجه مقتفون، و لمذهبه مقلدون ... ومنهم من تترس بمذهب مالك رضي الله عنه ربما ليلبسوا على من ليس له في المذهب اطلاع، ويتقوا ما يوجه إليهم من السهام، فبثوا سمومهم، وروجوا لمواردهم، ومنها كتاب "إحياء علوم الدين" لأبي حامد الغزالي – رحمه الله-.
وقد وقعت على أقوال العلماء فيه، فأحببت نشر أقوال المالكية منهم - على سبيل الخصوص-، على لنبين للمغرر بهم براءة المذهب من الخزعبلات التي حواها "الإحياء"،
والله الموفق لسبيل الرشاد
وزعموا أن خبر إحراق كتاب الإحياء وصل إلى أبي حامد الغزالي رحمه الله، وكان جالساً في حلقته، فدخل عليه رجل مسن من أهل فاس، فاستخبر عن حاله، ثم سأله عن كتاب الإحياء ماذا صنع به أهل الغرب؟ فاستحيا منه ولم يجبه، فعزم عليه، فأخبره بإحراقه، فدعا الغزالي على المرابطين وقال: (اللهم مزق ملكهم كما مزقوه!) وكان في الحلقة محمد بن عبدالله بن تومرت فقال: "ادع الله أن يجعله على يدي، فلم يجبه لذلك".
ثم مكث زمناً فجاءه رجل آخر من أهل الغرب فحدثه بما حدثه به الأول، فدعا على المرابطين بتمزيق ملكهم، فطلب ابن تومرت أن يكون ذلك على يديه، فقال الغزالي: "قم؛ سيجعل الله ذلك على يديك"!!
وفعلاً كان أن استجاب الله دعاءه عليهم، كرامة للغزالي، ومزق ملك المرابطين على يد ابن تومرت مؤسس دولة الموحدين ... هكذا تزعم الرواية.
وهذه القصة إفك مفترى:
أولاً:
لو ثبت لكان فيها أكبر الطعن على الغزالي الذي يدعو في مؤلفاته الأخلاقية إلى التسامح وحسن الصفح والعفو، ولأصبحت علامة على أن الرجل يبطن ما لا يظهر وأن فعله يناقض قوله.
ثانياً:
أن ابن القطان المراكشي الكتامي قد تفرد بسوق هذه القصة عن الرجل المسن المجهول، وكل من جاء بعده ينقلها عنه من كتابه "نظم الجمان لترتيب ما سلف من أخبار الزمان
وابن القطان رحمه الله متهم في إيرادها، لأنه متحامل جداً على المرابطين حيث يرميهم بأقذع الأوصاف، بسبب اختلاف المشرب، ولأنه إنما ألف كتابه (نظم الجمان) لتعظيم دولة الموحدين، ومدحهم والثناء عليهم، وإبراز مآثرهم، فلا يبعد أن يكون قد لفق أو تلقف هذه القصة تشفياً من دولة المرابطين!.
ثالثاً:
إن ابن تومرت لم يلتق بالغزالي البتة، وذلك أن ابن تومرت خرج لطلب العلم من المغرب سنة 501ه وعلى أقل تقدير في أواخر سنة 500 هـ ورحل منها إلى الأندلس، ومنها إلى الإسكندرية، ومنها إلى الحج، ومنه إلى بغداد، وهنا تورد القصة أنه التقاه في بغداد، ولكن المصادر تجمع - وكذا حكى الغزالي عن نفسه في (المنقذ من الضلال) - أنه خرج إلى نيسابور سنة 499ه، وجلس للتدريس في نظاميتها إلى أن مات، فأين اللقى؟!!
رابعاً:
أن قضية إحراق كتاب الإحياء كانت في أوائل سنة 503ه، وعلى أقل تقدير في أواخر سنة 502ه، ويومها - قطعاً - كان الغزالي في بلده (طوس) وابن تومرت لا يعرف عنه أنه تجاوز بغداد شرقاً في رحلته، فلم يدخل إقليم خراسان أصلاً، فأنى لهذه القصة أن تصح!
ولأجل هذه الأسباب وغيرها أنكر جماعة من الأئمة القصة كابن خلدون، وابن الخطيب ... وغيرهم، وكثير من الباحثين المعاصرين خلصوا إلى هذه النتيجة.
1/- الحافظ القاضي أبو بكر بن العربي:
قال - رحمه الله - ((شيخُنا أبو حامد: بَلَعَ الفلاسفةَ، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع)) (السير للذهبي: 19/ 327).
) 2/ - محمد بن علي بن محمد بن حَمْدِين القرطبي (ت508هـ
¥