[وقفات: في بيان قواعد يجب مراعاتها قبل تطبيق قوله: "إذا صح الحديث فهو مذهبي".]
ـ[أبو سعيد الجزائري]ــــــــ[01 - 10 - 09, 11:06 م]ـ
وقفات:
في بيان قواعد يجب مراعاتها قبل تطبيق قوله:
"إذا صح الحديث فهو مذهبي".
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
"إذا صح الحديث فهو مذهبي"
مقولة:
عُرِفت عن الإمام الشّافعي، ونقلها عنه الأصحاب، وغيرهم ...
ونُقلت أيضا عن غيره من الأئمة.
قال الإمام ابن كثير:
"هذا من سِيادته وأمانته – أي الشّافعي- وهذا نَفَس إخوانه من الأئمة رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين".
ورواها الإمام ابن عبد البر في الانتقاء عن الإمامين مالك وأبي حنيفة http://majles.alukah.net/images/smilies/radia.gif جميعا.
ونقله الإمام الشعراني في الميزان الكبرى عن الأئمة الأربعة.
بل هذه المقولة هي لسان حال كلّ مسلم عَقِل معنى لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله.
وصحيح أنّ فيها إطلاق، ولكن أئمة المذاهب قد شرحوا مقصد الأئمة منها، وبينوا قيودا وقواعد يجب مراعاتها قبل تطبيقها.
ولذلك:
حاولت أن أجمع بعض أقوال الأئمة المتعلّقة بها (ولو أنّي وجدت بعضها مجموعا)، وأَنظمها في أربع قواعد أخال أنّها جامعة لمفهومها، عسى أن ينفعني بها الله، ومن قرأها.
القاعدة الأولى:
قول الإمام الشّافعي (إذا صح الحديث فهو مذهبي)
خاص بقوم توفرت فيهم شروط معينة.
قال أبو شامة المقدسي:
" ... ولا يتأتى النهوض بهذا إلاّ من عالم معلوم الاجتهاد، وهو الذّي خاطبه الشّافعي بقوله: إذا وجدتم حديث رسول الله http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif على خلاف قولي فخذوا به ودعوا ما قلت، وليس هذا لِكلّ أحدا".
وقال ابن الصلاح في كتابه أدب الفتوى والمستفتي (1/ 53):
"ليس العمل بظاهر ما قاله الشّافعي بالهيِّن، فليس كلّ فقيه له أن يستقل بالعمل بما يراه حجة من الحديث".
وقال الإمام النووي في "المجموع" (1/ 64):
"إنما هذا- يعنيكلام الشّافعي-فيمن له رتبة الاجتهاد في المذهب".
وقال السبكي رحمه الله في"معنى قول المطلبي" (ص: 93):
"وهذا الذّي قالاه (يقصد الإمامان ابن الصلاح، والنووي) ليس ردا لما قاله الشّافعي، ولا لكونه فضيلة امتاز بها عن غيره، ولكنّه تبيين لصعوبة هذا المقام، حتىّ لا يغتر به كلّ أحد ... "انتهى.
ـ[أبو سعيد الجزائري]ــــــــ[01 - 10 - 09, 11:08 م]ـ
القاعدة الثانية:
أن يبلغ على ظنِّه أنّ الأئمة لم يبلغهم الحديث، لذلك انصرفوا عن العمل به.
وهذه القاعدة لو فَهِمها كثير من طلبة العلم لقَلَّ تعقيبهم على أقوال الأئمة، ولأحسنوا الظنّ فيهم، فكثير منهم إذا قرأ حديثاً حَسِب أنّ الحق حصحص، وأنّ النّاس جميعا يجب أن يلتفتوا حول هذا الحق بزعمه (!)، فإذا سُئِل بعدها عن قول الأئمة، ضربها عرض الحائط، وقال: إن الأئمة لم تصل إليهم أحاديث كثيرة!.
قال الإمام النووي (1/ 64):
"وشرطه أن يبلغعلى ظنِّه أنّ الشّافعي رحمه الله لم يقف على هذا الحديث، أو لم يعلم صحته، وهذا إنمّا يكون بعد مطالعة كتب الشّافعي كلّها، ونحوها من كتب الأصحاب الآخذين عنه وما شابهها".
ثمّ قال:
"وهذا شرط صعب قَلَّ من يتصف به".
ثمّ قال مبينا وجه هذا الشرط:
"وإنمّا شرطوا ما ذكرنا لأنّ الشّافعي رحمه الله تركالعمل بظاهر أحاديث كثيرة رآها، ولكن قام الدليل عنده على طعن فيها، أو نسخها، أوتخصيصها، أو تأويلها ونحو ذلك" انتهى.
وأظن أنّ هذا الكلام فيه عبرة لمن أراد أن يعتبر!.
قال الكمال بن الهمام
معقبا على من قال في مسألة أنّ الإمام أبا حنيفة لم يصله فيها الحديث:
"كلّ ذلك لِعدم اطلاعهم على مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى، والقول بأنّ الحديث لم يبلغه غير صحيح فإنّه مذكور في مسنده".
تنبيه:
قد يكون الإمام عَلِم الحديث وتركه، وفَهمُه في ترك الحديث أولى من فهم غيره، والاقتداء به أحمد للعاقبة ...
فتأمل.
ـ[أبو سعيد الجزائري]ــــــــ[01 - 10 - 09, 11:09 م]ـ
القاعدة الثالثة:
أن ينتفي المعارض.
صحيح أنّ الأئمة مجمعون على حجية السنة، وأنّ قول النبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif دليل من أدلة الأحكام الشرعية، لم يخالف في ذلك أحد منهم. [/ CENTER]
¥