تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

407 أمانتك إلا من يخاف الله والله ما أنا مأمون الرضا فكيف أكون مأمون الغضب ولو اتجه الحكم عليك ثم تهددتني أن تغرقني في الفرات أو تلي الحكم لاخترت أن أغرق ولك حاشية يحتاجون إلى من يكرمهم لك ولا أصلح لذلك فقال له كذبت أنت تصلح فقال له قد حكمت لي على نفسك كيف يحل لك أن تولي قاضيا على أمانتك وهو كذاب وحكى الخطيب أيضا في بعض الروايات أن المنصور لما بنى مدينته ونزلها ونزل المهدي في الجانب الشرقي وبنى مسجد الرصافة أرسل إلى أبي حنيفة فجيء به فعرض عليه قضاء الرصافة فأبى فقال له إن لم تفعل ضربتك بالسياط قال أو تفعل قال نعم فقعد في القضاء يومين فلم يأته أحد فلما كان في اليوم الثالث أتاه رجل صفار ومعه آخر فقال الصفار لي على هذا درهمان وأربعة دوانيق ثمن تور صفر فقال أبو حنيفة اتق الله وانظر فيما يقول الصفار قال ليس له علي شيء فقال أبو حنيفة للصفار ما تقول فقال استحلفه لي فقال أبو حنيفة للرجل قل والله الذي لا إله إلا هو فجعل يقول فلما رآه أبو حنيفة معتمدا على أن يقول قطع عليه وضرب بيده إلى كمه فحل صرة وأخرج درهمين ثقيلين وقال للصفار هذان الدرهمان عوض عن باقي تورك فنظر الصفار إليهما وقال نعم فأخذ الدرهمين فلما كان بعد يومين اشتكى أبو حنيفة فمرض ستة أيام ثم مات وكان يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري أمير العراقين أراده أن يلي القضاء بالكوفة أيام مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية فأبى عليه فضربه مائة سوط وعشرة أسواط كل يوم عشرة أسواط وهو على الامتناع فلما رأى ذلك خلى سبيله وكان أحمد بن حنبل رضي الله عنه إذا ذكر ذلك بكى وترحم على أبي حنيفة وذلك بعد أن ضرب أحمد على القول بخلق القرآن

408 وقال إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة مررت مع أبي بالكناسة فبكى فقلت له يا أبت ما يبكيك فقال يا بني في هذا الموضع ضرب ابن هبيرة أبي عشرة أيام في كل يوم عشرة أسواط على أن يلي القضاء فلم يفعل والكناسة بضم الكاف موضع بالكوفة قال الفضل بن غانم كان أبو يوسف مريضا شديد المرض فعاده أبو حنيفة مرارا فصار إلى آخر مرة فرآه ثقيلا فاسترجع ثم قال لقد كنت أؤملك بعدي للمسلمين ولئن أصيب الناس به ليموتن معك علم كثير ثم رزق العافية وخرج من الغد فأخبر أبو يوسف بقول أبي حنيفة فيه فارتفعت نفسه وانصرفت وجوه الناس إليه فعقد لنفسه مجلسا في الفقه وقصر عن لزوم مجلس أبي حنيفة فسأل عنه فأخبر أنه عقد لنفسه مجلسا وأنه يلقي كلامك فيه فدعا رجلا كان له عنده قدر فقال سر إلى مجلس يعقوب فقل له ما تقول في رجل دفع إلى قصار ثوبا ليقصره بدرهم فصار إليه بعد أيام في طلب الثوب فقال له القصار ما لك عندي شيء وأنكره ثم إن رب الثوب رجع إليه فدفع له الثوب مقصورا أله أجرة فإن قال لك له أجرة فقل له أخطأت وإن قال لا أجرة له فقل أخطأت فسار إليه وسأله فقال أبو يوسف له أجرة فقال أخطأت فنظر ساعة ثم قال لا أجرة له فقال له أخطأت فقام أبو يوسف من ساعته فأتى أبا حنيفة فقال ما جاء بك إلا مسألة القصار قال أجل قال سبحان الله من قعد يفتي الناس وعقد مجلسا يتكلم في دين الله وهذا قدره لا يحسن أن يجيب في مسألة من الاجارات فقال يا أبا حنيفة علمني فقال إن كان قصره بعد ما غصبه فلا أجرة لأنه قصر لصاحبه ثم قال من ظن أنه يستغني عن التعلم فليبك على نفسه وكان أبو حنيفة حسن الوجه حسن المجلس شديد الكرم حسن المواساة لإخوانه وكان ربعة من الرجال وقيل كان طوالا تعلوه سمرة أحسن

409 الناس منطقا وأحلاهم نغمة وذكر الخطيب في تاريخه أن أبا حنيفة رأى في المنام كأنه ينبش قبر رسول الله فبعث من سأل ابن سيرين فقال ابن سيرين صاحب هذه الرؤيا يثور علما لم يسبقه إليه أحد قبله قال الشافعي رضي الله عنه قيل لمالك هل رأيت أبا حنيفة فقال نعم رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته وروى حرملة بن يحيى عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال الناس عيال على هؤلاء الخمسة من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة وكان أبو حنيفة ممن وفق له الفقه ومن أراد أن يتبحر في الشعر فهو عيال على زهير ابن أبي سلمى ومن أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق ومن أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي ومن أراد أن يتبحر في التفسير فهو عيال على مقاتل بن سليمان هكذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير