تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما في السنة، فلا خلاف بين الطرفين أن مالك أحفظ من أبي حنيفة وأتقن للألفاظ وأضبط للمتون. والحديث الصحيح الذي وقع لمالك أكثر مما وقع لأبي حنيفة أيضاً. وشيوخ مالك أكثر وأوثق من شيوخ أبي حنيفة. بل غالب رواية أبي حنيفة هي عن شيخه حماد بن أبي سليمان، وهو فقيه غلبت عليه الرواية بالمعنى. ثم إن أكثرها مراسيل إبراهيم النخعي. وقد كان من منهج مالك قبول المراسيل إذا اشتهرت في المدينة، وكذلك كان أبو حنيفة يقبل المرسل المشهور في الكوفة. فمن هنا دخلت الكثير من الأحاديث الضعيفة على الإمامين، ولكن الأحاديث الضعيفة في الكوفة أكثر.

وكان أبو حنيفة أعلم من مالك بفقه علي وابن مسعود رضي الله عنهما. ومالك كان له موقف من علي t، وعلى الرغم من أن علياً t قد أمضى أكثر حياته في المدينة، فرواية مالك عنه نادرة، بعكس رواية أبي حنيفة والكوفيين. لكن مالك كان أعلم بالصحابة المدنيين من أمثال ابن عمر وزيد وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين. وبذلك يتبين لنا صحة ما قاله محمد بن الحسن على التفصيل الذي ذكرناه. وأما في القياس وفي الغوص في دقائق الأمور، فلا شك أن أبا حنيفة أعلم من مالك بالقياس. قال الإمام الشافعي: «من أراد أن يتبحر في الفقه، فهو عيال على أبي حنيفة». وقال الإمام الذهبي: «الإمامة في الفقه ودقائقه، مسلّمة إلى هذا الإمام. وهذا أمر لا شك فيه». وقال كذلك: «فرضي الله عن الإمامين، فقد صِرنا في وقتٍ لا يقدِرُ الشخص على النطق بالإنصاف. نسأل الله السلامة». أقول: آمين.

أهم كتب المذهب الحنفي

أول من كتب في الفقه الحنفي هو أبو يوسف القاضي، لكنها كتيبات صغيرة في مواضيع محددة، لم يصلنا منها (فيما أعلم) إلا "الخراج" و"الآثار" و"الرد على سير الأوزاعي".

وإنما أخذ العلماء مذهب أبي حنيفة عن محمد بن الحسن. فإن الحنفية ليس في أيديهم إلا كتبه. وهي على قسمين: كتب رويت عنه واشتهرت حتى اطمأنت إليها نفوسهم تعرف بكتب "ظاهر الرواية" وهي كتاب: "الجامع الصغير" وهو كتاب في الفروع مجرد عن الأدلة والجدل، من أهم كتبهم على صغره. وقد رواه محمد بن الحسن عن أبي يوسف، وسمعه منه ابن معين. وكتاب "الجامع الكبير"، وهو أطول من الصغير. وله كتاب ثالث هو كتاب "المبسوط" ويعرف عند الحنفية بالأصل، وهو أطول كتاب وأهمه. وهذه الكتب هي أساس مذهب الحنفية، وهي التي اشتغل بها علماؤهم وعليها عولوا شرحاً وتعليقاً. وكلها مطبوعة، أما كتاب "الزيادات" فمخطوط.

وله كتاب "السير الكبير" (لم يطبع وإنما طبع شرحه للسرخسي) وكتاب "السير الصغير" وتشتمل على أحكام الجهاد وشريعة الحرب. وكتاب "الحجة على أهل المدينة"، وهو كتاب كبير في الرد على مالك بن أنس فقط وليس كل أهل المدينة. وله كتاب "الآثار" الذي يحتج به الحنفية، وهو في الأصل لأبي يوسف. والقسم الثالث من كتبه لم تشتهر عنه، وهي الكتب التي تعرف عند الحنفية بالنوادر، وهي في درجة ثانية من الاعتماد عندهم. ومن كتبه المطبوعة كذلك: "الأَمالي" و"المخارج في الحيل" و"الأَصل" و"الكسب"، و"الموطأ" حيث روى موطأ مالك وعلق على رأي مالك إما موافقة أو مخالفة.

وقد قام الحاكم الشهيد محمد بن أحمد المروزي (ت334هـ) باختصار كتاب "المبسوط" (وباقي كتب ظاهر الرواية) و أسماه بـ "الكافي" (وليس مطبوعاً). ثم شرحه السُّرَخْسي (ت490هـ) في "المبسوط في الفقه" وهو 14 مجلداً. ومن الكتب المهمة لمعرفة فقه الأحناف المتقدمين هو كتاب شرح معاني الآثار، للطحاوي. وهو للدفاع عن حجج الأحناف وإظهار أدلتهم النقلية والعقلية. وأما كتب المتأخرين فلعل أشهرها حاشية ابن عابدين الدمشقي. وعليه الاعتماد في الفتوى في الكثير من بلاد الحنفية، وله أهمية في تبيين المعتمد في المذهب عند المتأخرين. ومن الممكن الاستفادة من كتاب "إعلاء السنن"، للعثماني. وهذا الكتاب يجمع كل أدلة الأحناف مع تخريجها وفق منهجهم الخاص. وهو عبارة عن مجموعة ضخمة للغاية من الآثار والأحاديث (18 مجلد).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير