(وذلك أنهم بطبيعة التوحش الذي فيهم أهل انتهاب وعبث ينتهبون ما قدروا عليه من غير مغالبة ولا ركوب خطر، ويفرون إلى منتجعاتهم بالقفر ... ) فهل هذه صفة عرب أهل الحضر؟
ويقول: الفصل الثامن والعشرون؛ في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك، ....
كلاهما صفة للعرب عندما يبتعدون عن الإسلام، سواء كانوا من الحضر أم من البدو. ولذلك نجد اليوم أن العرب القوميين لا يتغلبون إلا على البسائط، مثل تشاد. وأما عن الأمم التي تحتل أراضيهم مثل إثيوبيا وإسبانيا وتركيا وغيرها ناهيك عن إسرائيل، فما يقدرون عليها. بل الحل العسكري مستبعد تماماً. وذلك أنهم بطبيعة التوحش الذي فيهم أهل انتهاب وعبث ينتهبون ما قدروا عليه من شعوبهم من غير مغالبة ولا ركوب خطر، ويفرون إلى منتجعاتهم التي لم تعد قفراً كما كانت.
نعود إلى كلام العلامة ابن خلدون لنعرف مراده. فهو يقول في الفصل الثامن والعشرون: في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك ... فقال بعد أن سرد بعض ممارسات العرب القوميين:
... فتنمو المفاسد بذلك ويقع تخريب العمران. فتبقى تلك الأمة كأنها فوضى مستطيلة أيدي بعضها على بعض. فلا يستقيم لها عمران وتخرب سريعا شأن الفوضى كما قدمناه. فبعدت طباع العرب لذلك كله عن سياسة الملك. وإنما يصيرون إليها بعد انقلاب طباعهم وتبدلها بصبغة دينية تمحو ذلك منهم، وتجعل الوازع لهم من أنفسهم، وتحملهم على دفاع الناس بعضهم عن بعض كما ذكرناه.
واعتبر ذلك بدولتهم في الملة، لما شيد لهم الدين أمر السياسة بالشريعة وأحكامها المراعية لمصالح العمران ظاهرا وباطنا، وتتابع فيها الخلفاء، عظم حينئذ ملكهم وقوي سلطانهم. كان رستم إذا رأى المسلمين مجتمعون للصلاة يقول: أكل عمر كبدي يعلم الكلاب الآداب. ثم إنهم بعد ذلك انقطعت منهم عن الدولة أجيال، نبذوا الدين، فنسوا السياسة، ورجعوا إلى قفرهم. وجهلوا شأن عصبيتهم مع أهل الدولة ببعدهم عن الانقياد وإعطاء النصفة، فتوحشوا كما كانوا. ولم يبق لهم من اسم الملك إلا أنهم من جنس الخلفاء ومن جيلهم. ولما ذهب أمر الخلافة وامحي رسمها، انقطع الأمر جملة من أيديهم، وغلب عليهم العجم دونهم. وأقاموا في بادية قفارهم لا يعرفون الملك ولا سياسته. بل قد يجهل الكثير منهم أنهم قد كان لهم ملك في القديم. وما كان في القديم لأحد من الأمم في الخليقة ما كان لأجيالهم من الملك ودول عاد وثمود والعمالقة وحمير والتبابعة شاهدة بذلك. ثم دولة مضر في الإسلام: بني أمية وبني العباس. لكن بعد عهدهم بالسياسة لما نسوا الدين، فرجعوا إلى أصلهم من البداوة. وقد يحصل لهم في بعض الأحيان غلب على الدول المستضعفة كما في المغرب لهذا العهد، فلا يكون ماله وغايته إلا تخويب ما يستولون عليه من العمران كما قدمناه. والله يؤتي ملكه من يشاء.
وهكذا شأن العرب إذا أقبلوا على الإسلام صاروا أحسن الناس، وإن تركوه رجعت إليهم الوحشية والبداوة (وإن سكنوا الحضر) فأضاعوا المجد وخربوا العمران وجعل الله بأسهم بينهم حتى يعودوا إلى دينهم.
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[18 - 05 - 05, 10:09 ص]ـ
الاخ الامين حفظه الله العرب فضائلهم كثيره وهم خير الناس ولذلك كان خير الناس منهم النبي صلى الله عليه وسلم منهم وخير الاديان كان من نصيبهم الاسلام
وانكار فضل جنس العرب على غيرهم او الحط من قدر العرب قول مخالف لمذهب اهل السنة الجماعة
فحب العرب ايمان وبغضهم نفاق كما قال امام السنة الامام حمد وغيره من اهل العلم
يقول ابن تيمية في منهاج السنه (4/ 600) وذهبت طائفة الى عدم التفضيل بين هذه الاجناس وهذا قول طائفة من اهل الكلام كالقاضي ابي بكر بن الطيب وغيره وهو الذي ذكره القاضي ابو يعلى في المعتمد وهذا القول يقال له مذهب الشعوبية وهو قول ضعيف من اقوال اهل البدع ا. ه
والله اعلم
ـ[أبو مشاري]ــــــــ[18 - 05 - 05, 09:02 م]ـ
و مما زعمه ابن خلدون أن العلماء أكثرهم من العجم لا من العرب
وتابعه على هذه المقولة جمع من أهل العلم كالقنوجي في أبجد العلوم في آخرين
و قد نقد الشيخ بكر أبو زيد هذه المقولة
وبين أن ابن خلدون قالها و تابعه جمع بدون تحقيق لهذه العبارة (انظر: المجموعة العلمية للشيخ بكر)
وكذلك بالنسبة لإنكاره لأحاديث المهدي فقد رد عليه الشيخ يوسف الوابل في رسالته (أشراط الساعة).
والله الموفق
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[19 - 05 - 05, 12:25 ص]ـ
ليس أصعب على المرء من الاجتهاد في كتابة المعاني الكبيرة الكثيرة في ألفاظ قليلة، وصاحبنا لا يحب التطويل، والضرورة تملي ذلك، فلا مفر من الجواب على صيغة سؤال.
هذه الأحكام التي أصدرها ابن خلدون في حق العرب - حسبما فهم صاحبنا وغيره - هل هي خاصة بهم؟
ثم لماذا أصدر هذه الأحكام في حقهم، ما الصفات التى وجدت فيهم حتى استحقوا منه هذه الأوصاف؟ أم أن الأمر يرجع إلى ذاتهم وحقيقتهم، وليس لأوصاف عارضة إذا زالت زال حكمه عليهم؟
ثم ما موقف الإسلام من التعرب؟ هل حقا نهت الشريعة عن التعرب - الرجوع إلى البداوة - بعد الهجرة؟ بل ويقال: إنه من الكبائر.
إذا صح ذلك فلأي معنى كان النهي في شريعة الإسلام؟
السؤالان الأخيران لهما تعلق كبير بما قبلهما من حيث المعنى، وإلا فأنا أجتهد في عدم إدخال العامل الديني في الموضوع، لأنه مما لانختلف عليه ولا فيه، فإقحامه محاولة للخروج بالموضوع عما ابتدأ به، ولا زلت أصر على أننا نبحث في الأسباب الحقيقية الكامنة وراء أحكام ابن خلدون، ومن المقصود بها فقط.
¥