تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((وحكى قوم عن العنبري والجاحظ أنهما قالا ذلك فيمن علم الله من حاله استفراغ الوسع في طلب الحق من أهل ملتنا وغيرهم.

وقد نحا الغزالي نحو هذا المنحى في كتاب التفرقة بين الاسلام والزندقة)).ا. هـ

الثاني:

أنه يرى تعدد الحق في المسائل الشرعية العملية فقط، كما طوّل في الاستدلال لذلك في المستصفى (2/ 408 - 436 وما بعدها) ورد على من قال بتعدده في العقيدة (2/ 402 - 405).

الثالث: أن الحق يتعدد في المسائل الاجتهادية ونحوها لا الخلافية.

نقل الزركشي في البحر المحيط (6/ 243):

أن المصيصي سأل الغزالي عن هذه المسالة؟

فقسمها خمسة أقسام، وحصر تصويب المجتهدين فيما كان من جنس النصوص المتعارضة، وأحكام السياسات، واجتهاد الأئمة فيما هو أصلح للأمة، والمصالح المتقابلة. أما حيث النص الصريح، أو المصلحة الراجحة، أو القياس الجلي، فالحكم عند الله معين، وطالبه إما مصيب أو مخطيء)).ا. هـ فإن صح هذا النقل كان تعديلاً من الغزالي لما ذهب إليه في المستصفى.انظر تعليق الدكتور محمد الأشقر على المستصفى (2/ 409).

أما الآمدي فقد اضطرب كلامه في هذه المسألة في كتاب واحد:

فقد صرح في الإحكام (4/ 15) باختيار مذهب المصوبة.

وفي قال (4/ 184):

والمختار إنما هو امتناع التصويب لكل مجتهد. ا.هـ وانظر تعليق الشيخ عبد الرزّاق عفيفي على ذلك.

وذكر نحوه (4/ 192).

........

هذا هو الأصل الأول وقد تبين أن الحق الذي لا شبهة فيه أن الحق واحد لا يتعدد ومن ثَمَّ يلزم المجتهد والمقلد استفراغ الوسع في الوصول إلى هذا الحق وإلا صار آثماً.

.............

تنبيه:

نقل ابن عبد البر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله وغيره أنهم قالوا:

((ما أحب أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا.))

ففُهم من ذلك أنهم يرون القول بأن الحق يتعدد

ولكن من نُقِل عنه هذا إنما هو يقصد التوسعة في الاجتهاد فقد نقل ابن عبد البر في جامعه عن الإمام إسماعيل القاضي المالكي أنه قال:

إنما التوسعة في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم توسعةٌ في اجتهاد الرأي، فأما أن يكون توسعة لأن يقول الإنسان بقول واحد منهم من غير أن يكون الحق عنده فيه فلا.

ولكن اختلافهم يدل على أنهم اجتهدوا فاختلفوا))

قال ابن عبد البر معقباً: ((كلام إسماعيل هذا حسن جداً)).ا. هـ

ويؤيد هذا المحمل الجيد أن ابن عبد البر نقل عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله انه نقل له فتوى لإياس بن معاوية وفتوى للحسن البصري فقال:

أخطأ إياس وأصاب الحسن. ا.هـ

ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[22 - 05 - 05, 10:27 ص]ـ

الأصل الثاني: الإجماع على تحريم تتبع الرخص وتفسيق من قام بهذا ..

وقد نقل الإجماع على ذلك ابن حزم، وابن عبد البر، وأبو الوليد الباجي، وابن الصلاح، وابن حجر المكي.

أما الإمام ابن حزم فقد نقل عنه الشاطبي في الموافقات (4/ 134) أنه حكى الإجماع على أن تتبع رخص المذاهب بغير مستندٍ شرعي فِسقٌ لا يَحل.

أما الإمام ابن عبد البر:

فقد نقل عن سليمان التيمي (ت143) أنه قال:

((لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كلُّهُ.)) .. قال ابن عبد البر معقباً:

((هذا إجماعٌ لا أعلم فيه خلافاً)).جامع بيان العلم (2/ 91 - 92)، ونقله عنه المرداوي في الإنصاف (11/ 196).

أما الإمام أبو الوليد الباجي فقد قال:

((وكثيرا ما يسألني من تقع له مسألة من الأيمان ونحوها: (لعل فيها رواية؟) أو (لعل فيها رخصة؟) .. وهم يرون أن هذا من الأمور الشائعة الجائزة ...

وهذا مما لا خلاف بين المسلمين ممن يعتد به في الإجماع أنه لا يجوز ولا يسوغ ولا يحلُّ لأحدٍ أن يفتي في دين الله إلا بالحق الذي يعتقد أنه حقٌ .. )) ا. هـ انظر الموافقات (4/ 140).

أما الإمام ابن الصلاح فقال في أدب الفتوى (ص111):

((واعلم أن من يكتفي بأن يكون في فتياه أو عمله موافقاً لقولٍ أو وجهٍ في المسألة، ويعمل بما شاء من الأقوال أو الوجوه من غير نظرٍ في الترجيح، ولا تقيّد به فقد جهل وخرق الإجماع)).ا. هـ

نقلت هذه الإجماعات من كتاب الشيخ جاسم الدوسري (زجر السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء وهو فريد في بابه).

ونقل ابن حجر المكي الإجماع أيضا على ذلك كما في رسم المفتي لابن عابدين (ص11):

قال ابن حجر المكي:

((لا يجوز للعامل أن يفتي، أو يعمل بما شاء من القولين أو الوجهين من غير نظرٍ، ولا خلاف في ذلك)) .. وقال ابن عابدين:

((سبقه إلى حكاية الإجماع فيهما ابن الصلاح والباجي من المالكية)) ا. هـ انظر رسالة الفتيا للشيخ الأشقر (ص62).

وقد رمى أهل العلم من تتبع الرخص بالفسق كما نقل ابن حزم الإجماع على ذلك، ورماه الزركشي بالإنحلال كما في تشنيف المسامع (4/ 621).

....

وقد شذّ الكمال ابن الهمام الحنفي في هذه المسألة فقال:

((إن المقلد له أن يقلد من شاء، وإن أخذ العامي في كل مسألة بقول مجتهدٍ أخف عليه، لا أدري ما يمنعه من النقل أو العقل، وكون الإنسان يتتبع ما هو أخف عليه من قول مجتهد مسوغ له الاجتهاد، ما علمت من الشرع ذمُّه عليه، وكان صلى الله عليه وسلم يحب ما خفف على أمته)).ا. هـ (فتح القدير (7/ 239).

فابن الهمام هنا أطلق القول بجواز تتبع الأخف إلا أنه يقيده كما في كتاب التحرير (4/ 253) حيث قال نقلاً لكلام صلاح الدين العلائي: ((والذي صرح به الفقهاء وهو مشهور في كتبهم جواز التنقل في آحاد المسائل، والعمل فيها بخلاف مذهبه إذا لم يكن على وجه التتبع للرخص)).ا. هـ.

انظر كتاب الرخص الشرعية –أسامة الصلابي (88 - 89) ..

والكلام المنقول متعارض فلا وجه لحمل أحد القولين على أنه مقيد للآخر

وسواء رجع ابن الهمام رحمه الله عن هذا القول الشنيع أم لم يرجع فهو محجوج بالإجماع الذي نقله عدد من الأئمة في ذلك وهو الموافق لأصول الدين الذي جاء لمحاربة الهوى وتعبيد الناس لرب العالمين

فابن الهمام رحمه الله يحتاج إلى من يعتذر عنه لا من يحتج بقوله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير