تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإسلام محضا، وقوم منحرفون إلى شعبة من شعب اليهود أو النصارى، وإن كان الرجل لا يكفر بكل انحراف.

إيماننا ويقيننا العميق بكمال ديننا الناسخ لجميع الأديان، يجعلنا نشعر بالعزة والترفع عن أن نمد أيدينا ونعلم قلوبنا وعقولنا بكل وافد يطرق أبوابنا.

{إن قضية التوفيق بين الإسلام المحفوظ بحفظ الله تعالى له وبين باقي الأديان الوضعية والفلسفات البشرية أمر قديم، والتوفيق يعني أن لا يؤخذ الإسلام كاملا ولا غيره كما هو، بل نجتزئ من كل منهما حتى يتوافقا كما يزعم الزاعمون، وهذا يعني التحريف للدين الإسلامي وليُّ لأعناق الأدلة النقلية لتوافق الطرح البشري المتهافت، وقد حاول ذلك الفلاسفة المنتسبون إلى الإسلام ورجال علم الكلام في السابق، فضلوا وأضلوا، ويظل هذا التوفيق مطية لكل من يريد أسلمة ما ارتضاه وأعجبه من الأفكار الوافدة.

وقفات مع العلوم الوافدة

أولاً: إن الهوس والافتتان بالبرمجة العصبية اللغوية هو ذاته الذي صاحب دخول المنطق وعلم الكلام والفلسفة إبان دخولها للعالم الإسلامي، كوافد جديد أشيع عنه ما أشيع عن البرمجة من أنها تصون العقل عن الخطأ وتعلمه التفكير السليم وفنون الجدل العقلي ومواجهة الحجة العقلية بالحجة العقلية، وهذه العلوم ثبت من خلال أصحابها أنفسهم أنها تسبب العقم العقدي للعقل المستنير، وتجعل الإنسان ينظر إلى نفسه على أنه قادر على كل شيء، ويقر بنفسه وبقدراته، وتنأى به عن الاستدلال بالقرآن والسنة، وهذا ما لاحظته أثناء بحثي لمرحلة الدكتوراة الذي كان عنوانه -التنبؤ بالغيب عند الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام-.

ثانياً: إن كل وافد عقدي أو خلقي يدخل ومعه أصوله الدينية، وهذا أمر بدهي لا ينازع فيه إلا مكابر، وقد ثبت ذلك على مر العصور في العقائد والحضارات والعلوم ومن خلال الأبحاث العلمية، ولكن ديننا الإسلامي يظل وسيظل يتميز بأنه يفيد الآخرين من غير معتنقيه، ولكن لا يأخذ العقائد والأخلاق منهم البتة، فالله تعالى اختاره الدين الناسخ لجميع الأديان السماوية، الباقي إلى قيام الساعة، والشامل لكل ما يحتاج إليه الإنسان.

ثالثاً: إن كان مقصود رواج هذا الوافد الجديد هو تعلم كيفية الاتصال مع الآخرين وأساليب التفوق والنجاح والتفاؤل، وغير ذلك من المعطيات النفسية والأخلاق المحمودة، فإن إسلامنا يكفينا مؤونة ذلك، وبدلاً من التشبث بمصطلحات مطاطية نعود لأصولنا -القرآن والسنة الصحيحة- ونعطي من خلالها دورات في الأخلاق الإسلامية وننشئ معاً علم نفس إسلامي وعلم اجتماع إسلامي.

رابعاً: إن أدب الخلاف يقتضي التعامل بالحسنى حتى مع غير المسلمين، فالله تعالى يقول: -ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون- ويقول تعالى: -ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون- فكيف بإخواننا في الدين؟!

خامساً: لما نقض ابن تيمية - رحمه الله تعالى - المنطق في قواعده الفاسدة، لماذا لم يهاجم الآن على أساس أنه مجانب للمناهج العلمية ومعاد للعقائد والمناهج الوافدة التي تساعد على التفكير السليم؟ قد يقال: وهل هناك من هو مثل ابن تيمية الآن؟ فنقول: هذا حق، فإن من نقض أصول البرمجة الفاسدة، إما استند إلى كتبه القيمة فنقضه ونقده هو موجه أيضاً لابن تيمية، لأنه هو الأساس.

سادساً: يدعي أصحاب هذا العلم التسامح والحب وسعة الصدر والاسترخاء، ثم عندما يناقشون بما لا يعجبهم يصبون جام غضبهم وينفثون عبارات وكلمات التسفيه والسخرية والحقد والحسد، وأذكر مثالاً على ذلك عبارات لكبيرتهم التي علمتهم -مريم نور- عندما صرحت بأنها تلعن من يستغل اسمها، وكان معها أحد المؤمنين بها الذي دعا إلى التبرع لبناء معابد لفكرهم كبيت السلام!، وقال: إنه لا يمكن أن نطلب المبلغ نفسه من السوري والخليجي!، يعني أن الخليجي يجب أن يدفع أكثر - وغير ذلك - من عباراتهم وكتاباتهم، فأين دوراتهم وعلمهم الأخلاقي؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير