وقال: " هو الغِناء، وهي يمانية، يقولون: اُسْمُد لنا: تغنَّ لنا ". وقال: " السَّامِدُونَ المغنون بالحميرية ". (86)
وقال مُجاهد: " السُّمودُ هو الغِناءُ بلُغةِ حِمْيَر، يقولون: يا جارية اُسْمُدِي لنا: أي غَنِّي ". (87)
وقال عكرمة: " هو الغِناءُ بالحميرية ". (88)
وقال أبو عُبيدة: " هو الغِناءُ، كانوا إذا سمعوا القرآن تّغَنَّوا، وهي لُغة حِمْيَر ". (89)
وقال الضحاك: " السُّمُود: اللهو واللعب ". (90)
أما معنى الآية:
فقال ابن جرير الطبري: " يقولُ تعالى ذِكرُهُ لِمُشركي قُريش: أفِمن هذا القُرآن أيها الناسُ تَعجبونَ أنْ نَزَلَ على مًحمدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وتضحكونَ مِنهُ استهزاءً، ولا تبكونَ مما فيهِ مِنَ الوعيدِ لأهلِ معاصي اللهِ وأنتم من أهلِ معاصيهِ (وأنتم سامدون) يقول: وأنتم لاهون عما فيه مِنَ العِبر والذكر مُعرضونَ عن آياتهِ، يُقال للرجلِ: دَعْ عنَّا سُمُودَكَ، يُرادُ بهِ: دَعْ عنَّا لهوكَ، يُقال مِنهُ: سَمَدَ فلانٌ يَسْمُدُ سُمُوداً. وبنحو الذي قُلنا قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة، فقال بعضهم: غافلون، وقال بعضهُم: مُغّنُّون، وقال بعضُهم: مبرطمون ". (91)
وقال الإمام ابن عطية: " والسَّامِدُ: اللاعبُ اللاهِي، وبهذا فسره ابن عباس وغيره من المفسرين، وقال الشاعر:
قِيلَ قُمْ فانظرْ إليهِم ... ثمَّ دَعْ عنكَ السُّمُودَ
وسَمَدَ بِلُغةِ حِمْيَرْ غّنَّى، وهو معنىً كُلُّهُ قريبٌ مِن بعضٍ ". (92)
المبحث الرابع: آلات اللهو من المعازف والمزامير والطبول ونحوها.
أجمع كُلُّ من يُعتَدُّ بقولهِ مِن أهل العلم الراسخين أن آلات اللهو من المعازف والمزامير والطبول ونحوها من المحرمات، ومِن أساب الفساد والهلاك المستوجبة للعذاب.
قال ابن حجر: " الكَبيرة السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والأربعون، والخمسون والحادية والخمسون بعد الأربعمائةِ: ضربُ وَتَرٍ واستمَاعُهُ، وزَمْرٍ بمزمَارٍ واستماعُهُ، وضَربٌ بكُبةٍ واستماعها "
وقال أيضاً: " يَحرمُ ضربَ واستماعَ كُلَّ مُطْربٍ كطنبُورٍ وعُودٍ وربَابٍ وجَنْكٍ وكمنجةٍ ودريج وصَنجٍ ومِزمَارٍ عراقي ويَراعٍ وهو الشَّبابَةُ وكُوبةٍ، وغيرِ ذلكَ مِنَ الأوتَارِ والمعَازفِ ". (93)
فانظر أخي المسلم كيفَ كانت هذه الأفعال القبيحة – من الغناء وآلات اللهو - كل واحدة منها كبيرة من كبائر الذنوب.
قال الإمام الواحدي في قوله تعالى: (لهو الحديث): " ويدخُل في هذا كُلُّ مَن اختار اللهو، والغِناء، والمَزاميرَ والمعازفَ على القرآن، وإن كان اللفظ قد وردَ بالشراء، فلفظُ الشراء يُذكرُ في الاستبدال والاختيار، وهو كثيرٌ في القرآن، ويدلُّ على هذا ما قالهُ قتادةُ في هذه الآية: لعَلَّهُ أن لا يكونَ أنفقَ مالاً. وبِحَسبِ المرءِ مِن الضلالةِ أن يختَارَ حَديثَ البَاطِلِ على حديث الحقِّ ". (94)
فانظر يا أخي كيف بين هؤلاء العلماء الراسخين أن أهل الغِناء قد اختاروا الباطلَ والضلالة على الحق والهدى من كتاب الله تعالى وسُنةِ نبيه صلى الله عليه وسلم، فكفاهم ذلك شراً وخُسراناً.
وقال الإمام أبو العباس القرطبي: " أمَّا المَزامِيرُ والأوتَارُ والكُوبةُ فلا يُختَلِفُ في تحريمِ استماعِهَا، ولَم أسمع عَن أحدٍ مِمَّن يُعتَبرُ قولُهُ مِنَ السَّلفِ وأئمةِ الخَلَفِ مَن يُبيحُ ذلكَ، وكيفَ لا يَحرمُ وهو شِعَارُ أهلِ الخُمورِ والفُسُوقِ ومُهيِّجِ الشَّهَواتِ والفَسَادِ والمُجُونِ؟ ومَا كَانَ كَذلِكَ لَمْ يُشَك في تَحريِمهِ ولا تَفسقِ فاعِلهِ وتأثيمِهِ ". (95)
الأدلة على ذلك باختصار:
الدليل الأول:
¥