118. ليس معنى هذا الحديث الحث على الصلاة في أوقات النهي في المسجد الحرام لأن بعض الناس يكثر الخروج من المسجد الحرام عصر الجمعة لكي يصلي كلما دخل فيكون الدخول مبرر للصلاة وقت النهي وهذا ليس بصحيح فكون الإنسان لا يمنع ليس معناه أنه يؤمر بالصلاة أو بالطواف فإذا طاف فإنه لا يمنع من الصلاة وإذا دخل لا يمنع من الصلاة.
119. (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) فهم منه بعض رواة هذا الحديث أن فيه منعاً للصغار من التقدم وطبق ذلك لكن هذا فهمه فالحديث ليس فيه طرد للصغار بل فيه حث للكبار على التقدم وأهل العلم يقولون إنه ليس للرجل أن يقيم ابنه ولا عبده من مكانه فيجلس فيه في المسجد لأن القاعدة المطردة في الشريعة أن من سبق إلى مباح فهو أحق به.
120. (لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى) هل النهي عن المنع هو عن الطواف فقط أو عن الصلاة فقط أو عنهما معاً؟ عندنا طواف وصلاة يتصور اجتماعهما ويتصور انفراد كل واحد عن الثاني. بمعنى أنه لو صلى شخص صلاة العصر وبعد أن فرغ من الأذكار قام ليصلي نفلاً فهل يدخل في هذا الحديث؟ هل الواو في قوله (وصلى) هل هي واو المعية أو هي استئنافية؟ أو أن النهي هنا معلق بالطواف فلا تمنعوا الطائفين لكن إذا طاف له أن يصلي الصلاة المرتبطة بالطواف؟ أو عنهما معاً؟ هل نقول (لا تمنعوا الطائفين) أو (لا تمنعوا المصلين) أو (لا تمنعوا من صلى بعد الطواف)؟ الجواب: (لا تمنعوا من صلى بعد الطواف) لأن الواو هنا واو المعية وليست استئنافية.
121. الشفق عند الجمهور الذي ينتهي وقت صلاة المغرب بمغيبه هو الحمرة وعند الحنفية هو البياض الذي يعقب الحمرة وحديث (الشفق الحمرة) يستدل به الجمهور لكنه ضعيف مرفوعاً صحيح موقوفاً على ابن عمر فهل يستدل بقول ابن عمر في تفسير مثل هذه الكلمة؟ هل يقال إن هذا رأي ابن عمر ولا حجة فيه؟ للطرف الآخر أن يقول إن المسألة لغوية فمعنى الشفق في لغة العرب الحمرة وابن عمر من العرب الأقحاح فإذا فسر هذه الكلمة اللغوية فتفسيره أولى من تفسير غيره ولذا جاء في القاموس (الشفق الحمرة في الأفق من الغروب إلى العشاء) وابن عمر حجة في هذا الباب.
122. إذا تعارض الوقف مع الرفع منهم من يرجح الرفع لأنه زيادة من ثقة ومنهم من يرجح الوقف لأنه المتيقن والرفع مشكوك فيه لكن الأئمة الكبار لا يحكمون في مثل هذه المسألة بأحكام مطردة فتجد أن الإمام أحمد يحكم على الخبر أحياناً بأنه موقوف ويحكم على خبر آخر بأنه مرفوع والبخاري بالعكس فحديث ابن عمر في البخاري في رفع اليدين بعد القيام من الركعتين مرفوع فالبخاري رجح الرفع وأحمد رجح الوقف فالأئمة في هذا الباب يتركون الحكم للقرائن.
123. الفجر الصادق هو المستطير الذي ينتشر في الأفق يمنةً ويسرة وفيه تحل صلاة الفجر والفجر الكاذب هو المستطيل كذنب السرحان وفيه تحرم صلاة الفجر.
124. حديث (الفجر فجران فجر يحرم الطعام وتحل فيه الصلاة .. ) صحيح وكذلك الحديث الذي بعده.
125. (أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها) قوله (الصلاة) هل هو من العموم الباقي على عمومه أو من العموم المخصوص أو من العموم الذي دخله الخصوص؟ هو عموم مخصوص لأن من الصلوات ما الأفضل فيه التأخير.
126. أجوبة (ما أفضل الأعمال) متفاوتة (إيمان بالله) (الجهاد في سبيل الله) (الحج) وغير ذلك؟!!! إما أن يقدر (من) فيقال (من أفضل الأعمال كذا وكذا) ومنهم من يقول إن اختلاف الأجوبة لاختلاف الظروف والأماكن والأزمان والأحوال الخاصة والعامة فلو قدر أن الناس نزل بهم فاقة فسئل أحد أهل العلم عن أفضل الأعمال فإنه سيقول إنه الإنفاق في سبيل الله لأن الحاجة إلى الإنفاق أشد ولو صار أهل العلم قلة واحتاج الناس إلى متعلمين ليفوا بحاجة الناس وسئل عالم عن أفضل الأعمال فإنه سيقول إنه طلب العلم وهذا بالنسبة للظروف العامة وهناك ظروف خاصة فلو سأل غني عن أفضل الأعمال لقلنا إنه الإنفاق في سبيل الله لأن الإنفاق من هذا الشخص له أثر ولو أن شخصاً ضعيف البنية لكنه ذو نباهة فإن الأفضل في حقه طلب العلم لا الجهاد وكذلك لو جاءنا من هو عكسه نقول إن الأفضل في حقه الجهاد لا طلب العلم.
127. الذي في الصحيحين (الصلاة لوقتها) وليس فيه (أول) ووقتها هو ما شرح سواء كان المستحب أوله أو أثناءه فعلى هذا لا يرد التخصيص إذا كانت الصلاة في وقتها تكون أفضل الأعمال ثم بعد ذلك أفضل هذا الأفضل تقديم ما جاءت السنة بتقديمه وتأخير ما جاءت السنة بتأخيره وكلها في إطار الوقت.
128. حديث (أول الوقت رضوان الله .. ) لا يكفي القول بأنه ضعيف جداً لأن أحد رواته وضاع كذاب بل من الكذابين الكبار وهو يعقوب بن الوليد المدني قال فيه أحمد وغيره (كذاب). لو كان متهم بالكذب لصح أن يقال إن الحديث ضعيف جداً.
129. تكبيرة الإحرام تدرك بالانتقال إلى الركن الثاني الذي هو قراءة الفاتحة وهذا في الجهرية وفي السرية بقدرها يعني بقدر دعاء الاستفتاح فإذا فات من الوقت بقدر دعاء الاستفتاح فإن تكبيرة الإحرام تكون قد فاتت.
130. إذا كان الخطيب ممن يبدأ الخطبة قبل الزوال فعلى المعذورين أن يحتاطوا لوقت صلاة الظهر وألا يصلوا إلا بعد الزوال.
131. كون الصحابة يصلون منتصف النهار يوم الجمعة وهم أهل التحري والتثبت والاقتداء يقوي ما ورد من أن يوم الجمعة ليس في منتصفه وقت نهي وإن كان ضعيفاً فالعمل يسنده ومما يتقوى به الضعيف كما نص على ذلك الإمام الشافعي في رسالته أن يفتي به عوام أهل العلم وأن يعمل به أحد الصحابة.
132. يقوم قائم الظهيرة إذا كانت الشمس في كبد السماء والشيء ليس له ظل لا يمينه ولا شماله ولا أمامه ولا خلفه إنما ظله تحته.
تم الشروع في تقييد فوائد هذا الشرح المبارك ليلة الأحد الرابع والعشرين من محرم عام ثمانيةٍ وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية المباركة, وتم الفراغ من تقييد فوائده عشية يوم الاثنين الخامس والعشرين من نفس الشهر, وكان ذلك قرب برلين في مدينة من مدن الكفار الحقيرة يقال لها (درسدن) بألمانيا.
¥