81. قول ابن عمر لبلال (كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين يسلمون عليه وهو يصلي) فيه دليل على أنه يرد عليهم لأن السؤال عن الكيفية دليل على وجود السلام منهم والرد منه. والكيفية هي أنه يبسط يده بدل أن تكون على صدره وكيفية البسط هو أن يجعل ظهرها إلى السماء وباطنها إلى الأرض.
82. جاء عند أحمد وابن حبان وغيرهما أن المسئول صهيب ولا يمنع أن يكون المسئول مرةً بلال ومرةً صهيب وقد صحح الترمذي الحديثين كليهما.
83. من سُلِّم عليه في الصلاة فهو بين ثلاثة أمور: إما أن يرد عليه في الحال بالإشارة وإما أن ينتظر حتى يفرغ من الصلاة فيرد عليه وإما ألا يرد عليه ألبتة لأنه شغل المصلي فلا يستحق الرد لكن الحديث يدل على أنه يرد لكن بالإشارة.
84. في حديث أبي قتادة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب) وهذا لا يفيد الاستمرار بل المقصود أنه وجد لأن ذلك لم يقع إلا مرة واحدة.
85. وقع هذا في الفريضة لأنه جاء في بعض الروايات أنهم كانوا ينتظرونه لصلاة الظهر فدخل وهو حامل أمامة بنت زينب ونسبت أمامة لأمها لشرف النسبة لأن أمها بنت النبي عليه الصلاة والسلام.
86. بفعله هذا يجتث ما كانت عليه الجاهلية من كره للبنات وإيثار للبنين فحمل هذه الطفلة في أشرف مقام بين يدي الله عز وجل.
87. طالت مناقشات عند المالكية حول هذا الحديث فمنهم من يقول هو منسوخ ومنهم من يقول هو للحاجة والضرورة إذ لا يوجد من يكفيه أمر هذه البنت في أقوال كثيرة عندهم لكنه لبيان الجواز وأن مثل هذا الفعل جائز في الصلاة فقد فعله القدوة عليه الصلاة والسلام فلا مانع من حمل المصلي للطفل حال الصلاة إذا تحقق من طهارته لا سيما إذا كان في مقام تعليم واقتداء إذا كان ممن يقتدى به وأما إذا كان لا يترتب على الحمل مصلحة والحاجة ليست داعية فعلى الإنسان أن يقبل على صلاته.
88. ما في جوف الصبي معفو عنه والحديث يدل على أن مثل هذه الأفعال لا تبطل الصلاة.
89. أخذ من هذا الحديث جواز القراءة من المصحف في الصلاة لأن حمل المصحف ووضعه ليس بأشد من حمل هذه البنت ووضعها إضافة إلى أن عائشة اتخذت إماماً يقرأ من المصحف.
90. الحنفية يمنعون القراءة من المصحف لكن الحديث دليل ظاهر على هذه المسألة فإذا لم يوجد حافظ وأمكنت القراءة من المصحف فلا بأس حينئذ.
91. منهم من يقول إجابة على هذا الحديث إن هذا البنت كانت تعلق به من غير علمه وكيف ذلك وقد دخل حاملاً لها على عاتقه وهم ينتظرونه للصلاة. الحديث يدل على أنه لم يكن هناك ضرورة ولا حاجة لذلك وإنما فعله لبيان الجواز فلا مانع أن يحمل الإنسان شيئاً طاهراً ولا أثر له في صلاته لا سيما إذا كان بحيث يقتدى به ليبين الجواز للناس لكن لكن يكون ديدناً له في كل صلاة يحمل شيئاً لأن هذا يشغله فعليه أن يقبل على صلاته لكن الصلاة لا تبطل بمثل هذا.
92. حديث (اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب) صحيح والوصف بكونهما أسودين هو وصف أغلبي لا أثر له في الحكم فالحكم شامل لجميع الألوان فيقتل في الصلاة كل حية وكل عقرب. وأهل الخبرة يقولون إن العقرب الصفراء أشد شراً من العقرب السوداء.
93. فالحديث يدل على أن المنصوص عليه يقتل ولو ترتب على القتل حركة من تقدم وتأخر وأخذ آلة وما أشبه ذلك لأن امتثال الأمر لا يتم إلا بهذا.
94. يقاس على ذلك كل مؤذي كالذئب والأسد.
95. إذا تكلم لإنقاذ غريق أو إنقاذ إنسان من هلكة فمثل هذا لا يؤثر إن شاء الله تعالى.
96. جاء في الحديث وصول الحج وأنه يقبل النيابة ووصول الصدقة ووصول الدعاء وجاء النهي عن الصلاة (لا يصلي أحد عن أحد) فالعبادات المحضة لا تقبل النيابة. الصيام عبادة لكن جاء في الحديث (من مات وعليه صوم صام عنه وليه) وإن كان المتجه عند شيخ الإسلام وابن القيم وهو المذهب عند الحنابلة أن هذا خاص بصيام النذر فيما أوجبه الإنسان على نفسه والتزمه مما لم يوجب بأصل الشرع. وعلى كل حال الاقتصار على موارد النصوص هو الأصل وإن كان من أهل العلم من يرى أن كل قربة فعلها وأهدى ثوابها لحي أو ميت فإنه يصل لكن الاقتصار على موارد النص في الحج والصدقة والدعاء أولى وفي هذه الأبواب ما يغني عن الاستطراد وفعل ما لم يرد خشية أن يدخل في حيز الابتداع. لكن لو قرأ القرآن وأهدى ثوابه لأبيه أو لأمه فلا شك أن هذا مبني على قول معتبر عند أهل العلم وإن لم يكن راجحاً.
97. في الحديث (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) وفي القرآن النهي عن إبطال العمل فإذا كانت الصلاة مضى منها ما يسمى صلاة فإبطاله فيه نظر فإذا صلى ركعة كاملة فإنه يتم الباقي ويخفف ليلحق بالإمام وأما إذا لم يصل ركعة كاملة فإنه حينئذ يقطعها.
98. الداخل إلى المسجد له أن يسلم والقارئ يرد والجالس يرد والمصلي يرد بالإشارة لأنه ثبت أنهم يسلمون على النبي عليه الصلاة والسلام وهو يصلي ويرد عليهم السلام بالإشارة.
99. النساء ليس عليهن جماعة لكن إذا رأى مجموعة من النساء كون صلاتهن مجتمعات أحفظ لصلاتهن وأدعى لعدم استعجال بعضهن وأكمل لصلاتهن ففعلن ذلك فهذا له وجه. مع التنبه إلى وجود العذر عند بعضهن بحيث تحرم عليهن الصلاة فلا يجبرن على الصلاة مع الجماعة.
100. شرب الماء في النافلة ورد عن ابن الزبير وليس فيه خبر مرفوع وورد عن بعض السلف فتح الباب في الصلاة وإطفاء السراج فلو احتاج المصلي إلى شيء من ذلك في النافلة فالنافلة أمرها أخف. لو زاد عليه البرد فالتحف أو زاد عليه الحر فخلع وهو في النافلة فإذا كان القصد صحيحاً لمصلحة الصلاة فلا بأس به إن شاء الله تعالى.
تم الشروع في تقييد فوائد هذا الشرح المبارك ليلة الجمعة السابع من صفر عام ثمانيةٍ وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية المباركة, وتم الفراغ من تقييد فوائده ليلة الأربعاء الثاني عشر من صفر, وكان ذلك قرب برلين في مدينة من مدن الكفار الحقيرة يقال لها (درسدن) بألمانيا.
¥