تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلنا: الطيب الحاذق بالشيء الموصوف ولم يرد بهذا القول نفي هذا الاسم عمن يتعاطى ذلك وإنما حوّل المعنى من الطبيعة إلى الشريعة وبين لهم أن الذي يرجون من الطبيب فالله فاعله والمنان به على عباده وهذا كقوله فإن الله هو الدهر وليس الطبيب بموجود في أسماء الله سبحانه ولا الرفيق فلا يجوز أن يقال في الدعاء يا طبيب ولا يا رفيق اه وفيه إيماء إلى أنه يجوز أن يقال هو الطبيب وهو رفيق على منوال ما ورد".

وقال في عون المعبود (11/ 175) عند قوله صلى الله عليه وسلم: ((الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق)): «أي: أنت ترفق بالمريض وتتلطفه، والله هو يبرئه ويعافيه».

فيظهر من كلام من سبق ذكره من العلماء أن الطبيب ليس من أسماء الله، إذ لو كان من أسمائه لجاز دعاؤه ومناداته به ..

ولأن من صفة الأسماء أنها حسنى فلا تتضمن نقصاً بوجه من الوجوه ..

ولذلك قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: [لا أعلم أن الطبيب من أسماء الله لكن الشافي من أسماء الله، وهو أبلغ من الطبيب؛ لأن الطب قد يحصل به الشفاء، وقد لا يحصل].

ولكن جاز التوسل به فدل على أنه عند أولئك العلماء من صفاته سبحانه وتعالى ..

والتوسل به ورد في السنة: كما في حديث عائشة رضي الله عنها السابق

وبعض العلماء ذكر أنه مما يخبر به عن الله وليس من الأسماء ولا من الصفات ..

لكن الأظهر أنه الله عز وجل من صفاته الطبيب ..

فوائد:

· قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات (2/ 149): «فإن الشارع هو الطبيب الأعظم».

تنبيه: لفظ الشارع عند العلماء يراد به –غالباً-: الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحياناً يطلق على الله وصفاً كما في قوله: {شرع لكم من الدين} الاية، ويراد به –أحياناً-: الشرع (=الوحي= الكتاب والسنة) وهو مراد الشاطبي رحمه الله.

· قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (34/ 210): «والشرع طب القلوب، والأنبياء أطباء القلوب والأديان».

· قال العلامة ابن القيم في زاد المعاد (4/ 7): «فأما طب القلوب؛ فمسلم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ولا سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم وعلى أيديهم.

فإن صلاح القلوب أن تكون عارفة بربها وفاطرها وبأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه.

وأن تكون مؤثرة لمرضاته ومحابه متجنبة لمناهيه ومساخطه.

ولا صحة لها ولا حياة البتة إلا بذلك ولا سبيل إلى تلقية إلا من جهة الرسل.

وما يظن من حصول صحة القلب بدون اتباعهم فغلط ممن يظن ذلك وإنما ذلك حياة نفسه البهيمة الشهوانية وصحتها وقوتها وحياة قلبه وصحته».

· وقال المناوي في فيض القدير (3/ 515) شارحاً قوله صلى الله عليه وسلم: ((داووا مرضاكم بالصدقة)): «فإن الطب نوعان: جسماني وروحاني، فأرشد النبي إلى الأول آنفا، وأشار الآن إلى الثاني فأمر بمداواة المرضى بالصدقة، ونبه بها على بقية أخواتها من القُرَبِ كإغاثة ملهوف وإعانة مكروب، وقد جرب ذلك الموفقون فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الأدوية الحسية، ولا ينكر ذلك إلا من كثف حجابه.

والنبي طبيب القلوب، فمن وجد عنده كمال استعداد إلى الإقبال على رب العباد أمره بالطب الروحاني، ومن رآه على خلاف ذلك وصف له ما يليق من الأدوية الحسية».

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

الشيخ أسامة بن عطايا العتيبي

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير