تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، في تفسير الآية: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة. أخرجه ابن جرير في تفسيره، وفي صحته خلاف، فقد رواه عن ابن عباس علي بن أبي طلحة، ولم يسمع منه، ولكن ثبت أنه يروي بواسطة مجاهد، وعكرمة وهما ثقتان، فانتفت علة الانقطاع 0

وفي إسناده عبد الله بن صالح كاتب الليث. مختلف في توثيقه، وقد اعتمد الإمام البخاري رحمه الله تعالى على صحيفته التي رواها عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما 0

ووثقه عبد الملك بن شعيب، وابن معين، وجماعة 0

وقال عنه الحافظ ابن حجر (صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة).

وهذا الأثر من كتابه، وليس من حفظه؛ فإذا لم يخالف غيره من الثقات فصحيفته مقبولة. والله أعلم 0

وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية قول آخر، والصواب من ذلك ما وافق الأدلة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من تغطية الوجه، وأنه عورة لا يجوز كشفه لأجنبي 0

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (المرأة كلها عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح 0

وهذا الأصل في المرأة فلا تكشف من بدنها شيئاً بدون دليل صحيح صريح، ولا يختلف ذلك، من بلد إلى آخر، ولا من امرأة إلى أخرى، وحكم المحرمة في ذلك حكم غيرها. وقد روى مالك في الموطأ بسند صحيح عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات. ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها 0

وقال عمر رضي الله عنه وافقت ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) وآية الحجاب، قلت يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن، فنزلت هذه الآية. أخرجه البخاري في صحيحه (402) من طريق حميد، عن أنس رضي الله عنه 0

وأساس الفضيلة في المرأة الحياء، فهو الذي يبعث على الحشْمة والعفة، فإذا ذهب تهيأت لكل رذيلة، واندفعت في التبرج والزينة، والصدور للرجال، في الشوارع والممرات، والقنوات الفضائية، والصحف، بدون غطاء الوجه، ولا حشمة 0

وجاء البخاري في صحيح البخاري (4758) من طريق ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) شققن مروطهن فاختمرن بها.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 490) أي: غطين وجوههن 0

وقال النبي صلى الله عليه وسلم (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال (يرخين شبراً) فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن. قال (فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه) أخرجه الترمذي في جامعه (1731) والنسائي في الكبرى (9735) من طريق أيوب، عن نافع، عن بن عمر رضي الله عنهما وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح 0

وهذه بعض الأدلة في وجوب تغطية المرأة وجهها، ولا تختلف زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عن نساء المؤمنين، ولم يثبت التخصيص، فقد أمر الله المؤمنات بذلك وجاءت الأدلة عامة، والذين يجيزون للمرأة كشف وجهها لا يملكون الأدلة القوية بحجم أدلة المحرمين، وكيف يجيز الشرع الحكيم، كشف وجه المرأة، ويحرم كشف ما هو أدنى من ذلك بمراتب، وهو وجوب تغطية ضفرها، وستر قدميها، فإن هذا من أضعف التصور، وأبعد ما يكون عن المنطق السليم، ونحن نرى أن الخاطب إذا أراد النظر إلى مخطوبته أول ما ينظر إلى وجهها، وليس إلى يديها وقدميها 0

وقد أجمع العلماء على أن كشف الوجه في زمن الفتن، وكثرة المغريات، وانتشار الدعاة إلى الرذيلة، أنه من المحرمات 0

وجاء في روضة الطالبين للنووي (7/ 21) في توجيه قول أبي محمد والإمام في منع النظر إلى الوجه والكفين. قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير