تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - إن تقديم العرف على اللغة يحتاج إلى دليل وهو منازع في ذلك

جاء في كتاب "البرهان في أصول الفقه": مسألة إذا ورد لفظ من الشارع وله مقتضى في وضع اللسان ,ولكن عم في عرف أهل الزمان استعمال ذلك اللفظ على خصوص في بعض المسميات؛ فالذي رآه الشافعي أن عرف المخاطبين لا يوجد تخصيص لفظ الشارع

وقال أبو حنيفة العرف من المخصصات ,وهو مغن عن التأويل والمطالبة بالدليل

وضرب العلماء لذلك مثالا وهو نهيه عليه السلام عن بيع الطعام بالطعام.

فزعم بعض أصحاب أبي حنيفة أن الطعام في العرف موضوع للبر وحاولوا حمل الطعام في لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما جرى العرف فيه.

وهذا الذي ادعوه من العرف ممنوع وهم غير مساعدين عليه ,ولو قدر ذلك مسلما لهم بمجرد العرف؛ فمجرد العرف لا يقتضي تخصيصا؛ فإن القضايا متلقاة من الألفاظ وتواضع الناس عبارات لا يغير وضع اللغات ومقتضى العبارات.

فإن قالوا الناس مخاطبون على أفهامهم. قلنا: فليفهموا من اللفظ مقتضاه لاما تواضعوا عليه ولو تواضع قوم على تخصيص أو تعميم ثم طرقهم آخرون لم يشاركوهم في تواضعهم فإنهم لا يلتزمون أحكام تواطئهم فالشرع وصاحبه كيف يلزمهم حكم تواضع المتعاملين ,وقد خاطب المصطفى بشريعة العربية الأعاجم على اختلاف لغاتها على تقدير أن يسعوا في درك معاني الألفاظ التي خوطبوا بها والمسألة موضوعة فيه إذا لم يكن الرسول صاحب الشريعة ناطقا بما ينطق أهل العرف فلو ظهر منه مناطقة أهل زمانه بما اصطلحوا عليه فلفظه في الشرع لا ينزل على موجب اللسان.

وإنما مأخذ المسألة في ظن الخصوم أن الشارع وإن لم يكن من الناطقين باصطلاح أصحاب العرف فإنه لا يناطقهم إلا بما يتفاوضون به وليس الأمر كذلك كما قدمناه.

البرهان (1

296)

وقال الآمدي في كتابه الإحكام (2

104): المسألة الثامنة اختلفوا في مسمى الصحابي

فذهب أكثر أصحابنا وأحمد بن حنبل إلى أن الصحابي من رأى النبي صلى الله عليه وسلم.

وذهب آخرون إلى أن الصحابي إنما يطلق على من رأى النبي صلى الله عليه وسلم واختص به اختصاص المصحوب وطالت مدة صحبته وإن لم يرو عنه

وذهب عمر بن يحيى إلى أن هذا الاسم إنما يسمى به من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه العلم.

والخلاف في هذه المسألة وإن كان آيلا إلى النزاع في الإطلاق اللفظي فالأشبه إنما هو الأول.

ويدل على ذلك ثلاثة أمور

الأول أن الصاحب اسم مشتق من الصحبة والصحبة تعم القليل والكثير ومنه يقال صحبته ساعة وصحبته يوما وشهرا وأكثر من ذلك كما يقال فلان كلمني وحدثني وزارني وإن كان لم يكلمه ولم يحدثه ولم يزره سوى مرة واحدة.

الثاني: أنه لو حلف أنه لا يصحب فلانا في السفر أو ليصحبنه فإنه يبر ويحنث بصحبته ساعة.

الثالث: أنه لو قال قائل صحبت فلانا فيصح أن يقال صحبته ساعة أو يوما أو أكثر من ذلك وهل أخذت عنه العلم ورويت عنه أو لا ولولا أن الصحبة شاملة لجميع هذه الصور , ولم تكن مختصة بحالة منها لما احتيج إلى الاستفهام.

فإن قيل إن الصاحب في العرف إنما يطلق على المكاثر الملازم ومنه يقال أصحاب القرية وأصحاب الكهف والرقيم وأصحاب الرسول وأصحاب الجنة للملازمين لذلك , وأصحاب الحديث للملازمين لدراسته وملازمته دون غيرهم.

ويدل على ذلك أيضا أنه يصح أن يقال فلان لم يصحب فلانا لكنه وفد عليه أو رآه أو عامله ,والأصل في النفي أن يكون محمولا على حقيقته بل , ولا يكفي ذلك بل لا بد مع طول المدة من أخذ العلم والرواية عنه , ولهذا يصح أن يقال المزني صاحب الشافعي وأبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة ولا يصح أن يقال لمن رآهما وعاشرهما طويلا ولم يأخذ عنهما أنه صاحب لهما.

والجواب عن الشبهة الأولى أنا لا نسلم أن اسم الصاحب لا يطلق إلا على المكاثر الملازم ولا يلزم من صحة إطلاق اسم الصاحب على الملازم المكاثر كما في الصور المستشهد بها امتناع إطلاقه على غيره بل يجب أن يقال بصحة إطلاق ذلك على المكاثر وغيره حقيقة ...

3 - إن من العلماء من بين أن العرف على وفق اللغة في إطلاق الصحبة على القليل والكثير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير