تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إجماع, والحجة في الاتفاق.

وحديث جابر رضي الله عنه قال المصنف فيه: رواه الشافعي بإسناد ضعيف. بل هو ضعيف جداً, لأنه من طريق شيخه إبراهيم بن أبي يحيى, وهو متروك, والحفاظ على تضعيفه, بل ضعفه شديد, والإمام الشافعي رحمه الله تعالى يحس الظن به من حيث الصدق لا من حيث الديانة, فيقول: حدثنا المتهم في دينه الثقة في روايته. وكثيراً ما يقول: حدثني الثقة, ويريد بذلك إبراهيم بن أبي يحيى.

والتكبير على الجنائز أربعاً تقدم ما يشهد له, وأما القراءة بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى فيدل لها ما رواه البخاري من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف أنه قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب, وقال: لتعلموا أنها سنة. وقول الصحابي (سنة) أو (من السنة) له حكم الرفع, لأنه لا يريد بذلك إلا سنة النبي عليه الصلاة والسلام, ولذا جاء في كتاب الحج في البخاري قول ابن عمر للحَجاج (إن كنت تريد السنة فهجِّر) قال سالم: وهل يريدون بذلك إلا سنة النبي صلى الله عليه وسلم. فبعد التكبيرة الأولى يقرأ بفاتحة الكتاب, بدلالة هذا الحديث, ولعموم حديث عبادة (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) وصلاة الجنازة صلاة فيشملها هذا الحديث, فلا بد من قراءة الفاتحة, والمسألة خلافية, لكن هذا الذي يدل عليه الدليل. فقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ليست بسنة, بل واجبة, وبعضهم يقول بركنيتها كالصلاة لعموم حديث عبادة, وأما قول الصحابي (لتعلموا أنها سنة) فمراده أنها عمل مأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام, والسنة هنا أعم من أن تكون سنة اصطلاحية.

وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: {صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ: "اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ, وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ, وَاعْفُ عَنْهُ, وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ, وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ, وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ, وَنَقِّهِ مِنْ اَلْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ اَلثَّوْبَ اَلْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ, وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ, وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ, وَأَدْخِلْهُ اَلْجَنَّةَ, وَقِهِ فِتْنَةَ اَلْقَبْرِ وَعَذَابَ اَلنَّارِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

الأصل في مشروعية الصلاة على الجنازة الدعاء للميت, ومن أجله شُرِعَت, لأنها شفاعة. قوله (فحفظت من دعائه) دل على أن الدعاء أطول من هذا, ويحتمل أن النبي عليه الصلاة والسلام جهر بهذا الدعاء جهراً خفيفاً حتى سُمِع وحُفِظ, وهذا لا يؤثِّر, ويكون عوف حينئذ قريبٌ منه, ولذا لم يحفظه كله, ويحتمل أنه سأله بعد أن سلم فحفظ عنه, كما سأل أبو هريرة النبي عليه الصلاة والسلام عما يقوله في سكوته بين التكبير والقراءة فأخبره بدعاء الاستفتاح. وبعضهم أخذ من هذا مشروعية الجهر بالدعاء, لكن لو شُرِع الجهر به لحُفِظ التأمين عليه, فدل على أنه مما يسر به الإمام ويسر به الإمام, ولا يمنع أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر ببعض الدعاء فحفظ عنه, كما كان يجهر بالآية أحياناً في الصلاة السرية.

في دعاء الاستفتاح جاءت التنقية قبل الغسل, وهنا جاء الغسل قبل التنقية, وقد يقول قائل إن الواو في هذا الحديث لا تقتضي الترتيب, وسواء غُسِل قبل أو نُقِّي قبل فالمسألة معنوية, لكن ترتيب الكلام في المحسوسات ما جاء في دعاء الاستفتاح أظهر مما جاء هنا, لأن المسألة هنا معنوية. قال عوف بعد سياق الدعاء: فتمنيت أن لو كنت أنا الميت لدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك الميت.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: {كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ يَقُولُ: "اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا, وَمَيِّتِنَا, وَشَاهِدِنَا, وَغَائِبِنَا, وَصَغِيرِنَا, وَكَبِيرِنَا, وَذَكَرِنَا, وَأُنْثَانَا, اَللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى اَلْإِسْلَامِ, وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى اَلْإِيمَانِ, اَللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ, وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَالْأَرْبَعَةُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير