وإذا كان المؤمنون بهذه الدعوة لم يستطيعوا البقاء على الجادة القويمة، ولم يعودوا أوفياء لنبيهم صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، فلم يبق على الصراط المستقيم الذي ترك عليه النبي صلى الله عليه وسلم أتباعه إلا أربعة فقط، فكيف نسلم أن هذا الدين يصلح لتزكية النفوس وبناء الأخلاق؟ وانه يستطيع أن ينقذ الإنسان من الهمجية والشقاء، ويرفعه إلى قمة الإنسانية؟.
بل ربما يقال: لو ان النبي صلى الله عليه وسلم كان صادقا في نبوته، لكانت تعاليمه ذات تأثير، ووجد هناك من آمن به من صميم القلب، ووجد من بين العدد الهائل ممن امنوا به بضع المئات ثبتوا على الإيمان، فإن كان أصحابه سوى بضعة رجال منهم منافقين ومرتدين - فيما زعموا - فمن دام بالإسلام؟! ومن أنتفع بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ وكيف يكون رحمة للعالمين؟. (صورتان متضادتان للشيخ أبي الحسن الندوي ص 13 - 45 - 58 - 99).
الفهرس ( http://arabic.islamicweb.com/shia/belief_sahaba.htm#index)
الإمساك عما شجر بينهم
قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا ذكر اصحابي فامسكوا، وإذا ذكر النجوك فامسكوا، وإذا ذكر القدر فامسكوا)). (أخرجه الطبراني في الكبير 2/ 78 / 2، وابو نعيم في الحلية 4/ 108، وفي الإمام من حديث ابن مسعود، وقواه الالباني بطرقه وشواهده - السلسلة الصحيحة1/ 34).
ولذلك فمن منهج أهل السنة والجماعة الإمساك عن ذكر هفوات الصحابة وتتبع زلاتهم وعدم الخوض فيما شجر بينهم.
قال ابو نعيم رحمه الله: ((فالإمساك عن ذكر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر زللهم، ونشر محاسنهم ومناقبهم، وصرف أمورهم إلى اجمل الوجوه، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان، الذين مدحهم الله عز وجل بقوله: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان)).
ويقول ايضا في تعليقه على الحديث المشار إليه: ((لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم، وإنما امروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة)). (الإمامة 347).
اذا فالإمساك المشار إليه في الحديث الشريف إمساك مخصوص يقصد منه عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب والخلافات على سبيل التوسع وتتبع التفصيلات ونشر ذلك بين العامة، أو التعرض لهم بالتنقص لفئة والانتصار لاخرى. (منهج كتابة التاريخ الإسلامي لمحمد بن صامل 227).
ونحن لم نؤمر بما سبق / وإنما أمرنا بالاستغفار لهم ومحبتهم ونشر محاسنهم وفضائلهم، وإذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلابد من الذب عنهم، وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل. (منهاج السنة 6/ 254).
وهذا مما نحتاجه في زماننا، حيث ابتليت الأمة المسلمة في جامعاتها ومدارسها بمناهج - يزعم أصحابها الموضوعية والعلمية - تخوض فيما شجر بين الصحابة بالباطل دون التأدب بالأداب التي علمنا إياها ربنا عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك وللأسف وصلت هذه العدوى إلى بعض الإسلاميين، حتى إن بعضهم يجمع الغث والسمين من الروايات حول الفتنة التي وقعت بين الصحابة، ثم يبني أحكامه دون الاسترشاد بأقوال الأئمة الأعلام وتحقيقاتهم.
من أجل ذلك أردت أن أشير إلى بعض الأسس والتوجيهات التي ينبغي أن يعرفها الباحث إذا اقتضت الحاجة أن يبحث فيما شجر بينهم رضي الله عنهم.
الفهرس ( http://arabic.islamicweb.com/shia/belief_sahaba.htm#index)
أسس البحث في تاريخ الصحابة
أولا: إن الكلام عما شجر بين الصحابة ليس هو الأصل، بل الاصل الاعتقادي عند أهل السنة والجماعة هو الكف والإمساك عما شجر بين الصحابة، وذها مبسوط في عامة كتب أهل السنة في العقيدة، كالسنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل، والسنة لابن ابي عاصم، وعقيدة أصحاب الحديث للصابوني، والإبانة لابن بطة، والطحاوية، وغيرها.
ويتأكد هذا الإمساك عند من يخشى عليه الالتباس والتشويش والفتنة، وذلك بتعارض ذلك بما في ذهنه عن الصحابة وفضلهم ومنزلتهم وعدالتهم وعدم إدراك مثله، لصغر سنه أو لحداثة عهده بالدين. . . لحقيقة ما حصل بين الصحابة، واختلاف اجتهادهم في ذلك، فيقع في الفتنة بانتقاصه للصحابة من حيث لا يعلم.
¥