ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 12:17 ص]ـ
خامسا: يتبين مما تقدم أنه لا تتبع أقوالهم على كل الأحوال والأزمان؛ لأنهم قد يخطئون، بل يتبع الحق من أقوالهم الذي قام عليه الدليل.
تأمل ما هو معلم بالحمرة يا أخي الكريم!
وينبغي أن يعلم أن الأئمة الأربعة لم يدعوا الناس لاتباع مذاهبهم، هذا حق، ولكنهم إزاء المخالفين كانوا أحيانا ينكرون وأحيانا يقرون، كما قال الإمام أحمد: ما عبر الجسر إلى خراسان أفضل من سفيان، وإن كان يخالفنا في أشياء فما زال الناس يخالف بعضهم بعضا.
فالإمام أحمد هنا خولف، ولكنه لم ينكر على المخالف، ولكنه في أحيان أخرى ينكر على المخالف، فإذا أنكر على المخالف عُلِم أن قوله فاسد لا يصح اتباعه.
فهذا ما كنتُ أعنيه أن الأقوال الشاذة التي ينكرها أهل العلم لا يصح الأخذ بها.
أما الأخذ بأقوال ابن المبارك والأوزاعي وعبد الله بن وهب والليث بن سعد وغيرهم من الأئمة الأعلام فلا يقول أحد إنه ضلال.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 12:21 ص]ـ
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى
(وَلَيْسَ الْحَقُّ أَيْضًا لَازِمًا لِطَائِفَةٍ دُونَ غَيْرِهَا إلَّا لِلْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ الْحَقَّ يَلْزَمُهُمْ إذْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ .. )
وهذا ما أقول به يا أخي الفاضل
ولكنك إذا تأملت ظهر لك أن اتفاق المذاهب الأربعة قد يكون في بعض الأحيان إجماعا.
كيف ذلك؟
تخيل مثلا أن قولا من الأقوال قال به بعض التابعين أو غيرهم من الأئمة المتقدمين، ولكن هذا القول لم يقل به أحد غيره، وخالفه الأئمة الأربعة، ووافقهم أتباعهم الذين جاءوا من بعدهم، واستقر الأمر على ذلك بين العلماء، ومات القول الأول.
أليس هذا إجماعا؟
لا سيما إن عرفنا أن القول الأول كان عن غفلة أو نسيان للدليل الشرعي الذي اشتهر بعد ذلك، كتحريم ربا الفضل، وتحريم إتيان المرأة في دبرها، وجواز الاستنجاء بالماء، وغير ذلك من الأقوال التي استقر الإجماع عليها بعد خلاف.
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[29 - 11 - 07, 01:00 ص]ـ
بارك الله فيك، كونه معروفا عند كثير من أهل العلم لا يجعله صحيحا، وهذا مما لا يخفى عليك، فدرك المسائل مما تفاوت فيه الأفهام، وتتباين فيه الإجتهادات، ولو كان مرجحا أو قرينة على الصحة لاحتججت به عليك، فالذي اخترته قول الجمهور.
ولو أخذنا بقولك لعارضنا إجماعا بمثله، بيان ذلك: أن الأمة السالفة أجمعت على أن في المسألة قولين أو ثلاثة، وأن القائل بأحدهم في ذاك الزمن متبع لا مبتدع، ثم نأتي فندفع هذا الإجماع بإجماع، وهذا ممتنع.
وأما الخلاف الشاذ فهو ما عارض نصا أو إجماعا، أما إذا سبق الإجماع ولم يخالف النص فليس له من الشذوذ إلا ما للقميص من دم يوسف.
وأما المصحف ففيه خلاف مشهور وأقوال العلماء في ذلك معروفة، وذهبت طائفة من أهل العلم ومنهم ابن تيمية إلى صحة ما ورد عن ابن مسعود، وأن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة، وللمسألة تفصيل وتذييل لا يحتمله المقام.
وأجد من المناسب نقل كلام الفتوحي في شأن الإجماع بعد خلاف مستقر:
قال رحمه الله تعالى في شرح الكوكب (2/ 272):
واتفاق مجتهدي عصر ثانٍ على أحد قولي مجتهدي العصر الأول، وقد استقر الخلاف في العصر الأول لا يرفعه، ولا يكون اتفاق العصر الثاني إجماعا، لأن موت المخالف في العصر الأول لا يكون مسقطا لقوله فيبقى، قال أبو إسحاق: وهو قول عامة أصحابنا، قال سليم الرازي: هو قول أكثرهم وأكثر الأشعرية، قال أبو المعالي: وإليه ميل الشافعي، ومن عباراته الرشيقة: المذاهب لا تموت بموت أربابها، ونقله ابن الباقلاني عن جمهور المتكلمين واختاره.
وقيل يجوز أن يكون حجة وإجماعا، ويرفع الخلاف، قاله أبو الخطاب وأكثر الحنفية، وأبو الطيب والرازي وأتباعه وغيرهم، منهم الحارث المحاسبي والاصطخري وابن خيران والقفال الكبير وابن الصباغ، ونقل عن أبي حنيفة والمعتزلة واختاره المتأخرون
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[29 - 11 - 07, 01:00 ص]ـ
وفقك الله، هذا القول ليس ضعيفا، بل هو المعروف عند كثير من أهل العلم.
ولو كان هذا القول ضعيفا لم يكد يثبت إجماع أصلا على أي أمر من الأمور؛ لأنك لا تكاد تعدم خلافا شاذا في الأزمان الغابرة أو الحاضرة.
¥