تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولو كان ما تقول صحيحا لما استطعنا أن نقول إن المصحف الذي معنا استقر عليه إجماع المسلمين، وكذلك في كثير من المسائل.

بارك الله فيك، كونه معروفا عند كثير من أهل العلم لا يجعله صحيحا، وهذا مما لا يخفى عليك، فدرك المسائل مما تفاوت فيه الأفهام، وتتباين فيه الإجتهادات، ولو كان مرجحا أو قرينة على الصحة لاستظهرت به عليك، فالذي اخترته قول الجمهور.

ولو أخذنا بقولك لعارضنا إجماعا بمثله، بيان ذلك: أن الأمة السالفة أجمعت على أن في المسألة قولين أو ثلاثة، وأن القائل بأحدهم في ذاك الزمن متبع لا مبتدع، ثم نأتي فندفع هذا الإجماع بإجماع، وهذا ممتنع.

وأما الخلاف الشاذ فهو ما عارض نصا أو إجماعا، أما إذا سبق الإجماع ولم يخالف النص فليس له من الشذوذ إلا ما للقميص من دم يوسف.

وأما المصحف ففيه خلاف مشهور وأقوال العلماء في ذلك معروفة، وذهبت طائفة من أهل العلم ومنهم ابن تيمية إلى صحة ما ورد عن ابن مسعود، وأن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة، وللمسألة تفصيل وتذييل لا يحتمله المقام.

وأجد من المناسب نقل كلام الفتوحي في شأن الإجماع بعد خلاف مستقر:

قال رحمه الله تعالى في شرح الكوكب (2/ 272):

واتفاق مجتهدي عصر ثانٍ على أحد قولي مجتهدي العصر الأول، وقد استقر الخلاف في العصر الأول لا يرفعه، ولا يكون اتفاق العصر الثاني إجماعا، لأن موت المخالف في العصر الأول لا يكون مسقطا لقوله فيبقى، قال أبو إسحاق: وهو قول عامة أصحابنا، قال سليم الرازي: هو قول أكثرهم وأكثر الأشعرية، قال أبو المعالي: وإليه ميل الشافعي، ومن عباراته الرشيقة: المذاهب لا تموت بموت أربابها، ونقله ابن الباقلاني عن جمهور المتكلمين واختاره.

وقيل يجوز أن يكون حجة وإجماعا، ويرفع الخلاف، قاله أبو الخطاب وأكثر الحنفية، وأبو الطيب والرازي وأتباعه وغيرهم، منهم الحارث المحاسبي والاصطخري وابن خيران والقفال الكبير وابن الصباغ، ونقل عن أبي حنيفة والمعتزلة واختاره المتأخرون.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 01:22 ص]ـ

ولو أخذنا بقولك لعارضنا إجماعا بمثله، بيان ذلك: أن الأمة السالفة أجمعت على أن في المسألة قولين أو ثلاثة، وأن القائل بأحدهم في ذاك الزمن متبع لا مبتدع، ثم نأتي فندفع هذا الإجماع بإجماع، وهذا ممتنع.

وفقك الله، هذا كلام صحيح لا أخالفك فيه، ولكنه ينطبق على المسائل التي اشتهر فيها الخلاف وعرف كل واحد من المخالفين أقوال الآخرين ولم ينكر عليه، أما إذا كان الجماهير على قول أو على بعض الأقوال، وانفرد بعض الناس بقول لم يبلغ الباقين فلا ينطبق عليه هذا الكلام.

فتأمل هذا جيدا يظهر لك الفرق، فإني أراك من المنصفين.

وأما الخلاف الشاذ فهو ما عارض نصا أو إجماعا، أما إذا سبق الإجماع ولم يخالف النص فليس له من الشذوذ إلا ما للقميص من دم يوسف.

لعلك تقصد (ما للذئب من دم يوسف) .... ابتسامة.

الشذوذ يا أخي الكريم في اللغة هو الانفراد، وفي الاصطلاح هو انفراد مخصوص، كأن يقول بعض أهل العلم بقول وينكره عليه باقيهم، فإن لم ينكروه لم يكن خلافا شاذا.

ومعظم أنواع الشذوذ في الأمة من هذا الباب الذي تقوله أنت!

فإنه لا يوجد أحد من العقلاء يقول: أنا أريد الشذوذ!!

وإنما يشذ مَنْ يشذ من الناس استنادا إلى خطأ في فهم نص من النصوص.

وإنما نعرف أن هذا الفهم خطأ أو صواب بالرجوع إلى باقي أهل العلم، فإن وافقوه على فهمه أو بعضهم ففهمه حينئذ محتمل، أما إن حكموا جميعا على فهمه بأنه خطأ فقد حصل من الشذوذ على أوفى نصيب.

وفرق ما بين أهل السنة وأهل البدع والضلال ليس في اتباع الكتاب والسنة، فإن جميع فرق الضلال والكفر الباطن تزعم اتباع الكتاب والسنة!

وإنما فرق ما بيننا وبينهم هذه الكلمة (بفهم سلف الأمة)!

فإذا جاء من يزعم أنه يتبع الكتاب والسنة ومع ذلك يخالف سلف الأمة فهو مدع كاذب.

وأما المصحف ففيه خلاف مشهور وأقوال العلماء في ذلك معروفة، وذهبت طائفة من أهل العلم ومنهم ابن تيمية إلى صحة ما ورد عن ابن مسعود، وأن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة، وللمسألة تفصيل وتذييل لا يحتمله المقام.

وفقك الله، يبدو أنك تتكلم في مسألة (حكم القراءة بما يخالف المصحف)، وهي مسألة خلافية وإن كان الجمهور على عدم الجواز.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير