تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النبي _عليه الصلاة والسلام_ يقول لعائشة إنكن صواحب يوسف في بطونكم شيء وفي قلوبكم شيء وكلامكم مختلف وعائشة رضي الله عنها أفصحت لماذا لا تريد أن يصلي أبو بكر الصديق مكان النبي _صلى الله عليه وسلم_ في هذا المرض الشديد حتى لا يتشاءم المسلمون من أبي بكر، فتقول له لو أمرت عمر، فلما قال لها النبي هذا إنكن صواحب يوسف، قالت لحفصة تقول للنبي _عليه الصلاة والسلام _إن أبا بكر رجل أسيف فلو أمرت عمر فقال: "إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلى بالناس."

تقدم أبو بكر الصديق وصلى، والنبي_ عليه الصلاة والسلام _وجد خفةً في بدنه اعتمد على العباس وعلي بن أبي طالب ومشى يهادي بينهم _أي لا يستطيع أن يقف على رجله _عليه الصلاة والسلام _، فلما رأى المسلمون النبي كادوا يفتنوا في الصلاة، فلما علم أبو بكر بذلك أراد أن يتأخر، فقال له النبي _صلى الله عليه وسلم_ اثبت فثبت ولم يرجع.

هل خالف أبو بكر سبيل الأدب في هذه المرة لما قال له أثبت فثبت، نفس السابقة.

يقول القائل لماذا رجع في المرة الأولى ولم يرجع في المرة الثانية؟، وهذا من بركة الحديث وجمع طرق الحديث، والعلماء إذا أرادوا أن يتكلموا في مسألة لا يأخذون حديث واحد ويتكلمون فيه إنما يجمعوا كل الأحاديث التي وردت في الباب، ويسلطوا المعاني بعضها على بعض ويخرجوا بكلام مستقيم، وإذا لم يجمع المرء الأحاديث الواردة في الباب يزل.

لما فتش العلماء في الواقعة الثانية التي ثبت فيها أبو بكر ولم يرجع، وجدوا في مغازي موسى بن عقبة رحمه الله وهي أصح المغازي كما يقول الإمام مالك، أن هذه الصلاة كانت صلاة الفجر وكانت الركعة التي دخل النبي عليه الصلاة والسلام فيها المسجد هي الركعة الثانية، فالرسول_ عليه الصلاة والسلام _لو تقدم إلى الصلاة لاختل نظام الصلاة، والمسلمين كانوا سيصلون ثلاث ركعات.

كما حدث لعبد الرحمن بن عوف مع النبي_ عليه الصلاة والسلام_ والحديث في صحيح مسلم، لما النبي _عليه الصلاة والسلام _تأخر في شيء كهذا وكان عبد الرحمن بن عوف صلى بالناس، وجاء النبي _عليه الصلاة والسلام في الركعة الثانية، قال المغيرة بن شعبة راوي الحديث فأردت أن أًؤذنه وهذه الرواية في النسائي، فنهاني رسول الله _صلى الله عليه وسلم _، وصلى خلف عبد الرحمن بن عوف _رضي الله عنه_، لأن عبد الرحمن بن عوف كان في الركعة الثانية.

إذن لما تأخر أبو بكر الصديق كان في بداية الصلاة ولم يكن ركع أما في المرة الثانية أبو بكر كان قد صلى ركعة، وليس القصة قصة مخالفة الأمر، بل العلماء يقولون الامتثال هو الأدب، ولا يتصور أن يؤمر رجل بأمر من أي أحد يقول لأبنه أو لأخيه افعل كذا فيقول معذرة أنا لن أنفذ الأمر لأنني أرى أن من باب الأدب أنني أفعل غير الذي تقول، فمن يقول أن هذا أدب، أو أن عالم من علماء المسلمين ممكن يتورط ويقول مثل هذا الكلام.

الأدب هو الوقوف عند الأمر، الامتثال هو الأدب بل خير من الأدب كما يقول بعض العلماء.

للشيخ/ أبو إسحاق الحويني

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير