تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قراءة موضوعية في منهجية الحفظ]

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[10 - 06 - 10, 11:31 م]ـ

[قراءة موضوعية في منهجية الحفظ]

محمد بن حسين الأنصاري

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، ومن سار على منهجهم واتبع أثرهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن تحصيل العلم النافع من أشرف الغايات، وأنفع النوافل عند الله تبارك وتعالى، وأخصّ ما يتقرّب به إلى ربنا جل جلاله: الفقه في الدين كما قال عليه الصلاة والسلام: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"، ومناهج تعلّم العلم متعددة عند طالبيه، ومعروفة لدى الراغبين فيه، إلا أنني في هذا البحث الموجز أتناول مسألة "حفظ العلم" أهميتها، وآثارها بشيء من البسط والدراسة؛ لما وقع فيها من الخلل بين مفَرِّطٍ ومفْرِط.

وبما أن "منهجية الحفظ" هي الغالبة والسائدة في محافل التدريس؛ كان ذلك مسوغًا صحيحا في دراسة أثرها، والبحث عن جدوى الاهتمام بها.

وهذا البحث يتكون من:

مقدمة، ومبحثين، وخاتمة.

هذا وأسأل الله تبارك وتعالى التوفيق في القول والعمل، والعفو في الخطل والزلل إنه ولي ذلك والقادر عليه ..

المبحث الأول: في أهمية الحفظ، ودور المتون في تنميته وإشاعته، وفيه أمران:

الأول: أهمية حفظ العلم:

حفظ العلم في الصدور لا تنكر قيمته، ولا تخفى أهميته؛ فـ"القرآن الكريم" أعظم ما في الوجود، وأول كتاب إسلامي على الإطلاق، معلوم عند كل مسلم ما لحفظه من الأجر، ولتثبيته من الأهمية؛ فشرعنا الحنيف أكّد على حفظه، ودعا إلى كثرة تعاهده ومراجعته؛ لأنه سريع التفلت والنسيان، ولعل الحكمة في ذلك قراءته باستمرار، وعدم هجرانه بالكلية، فقد جاء عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها".

فحفظ القرآن لمن تيسر له ذلك وقَدر عليه واستطاعه؛ أمر لا جدل فيه، كيف لا وهو كلام رب العالمين والنور المبين والحجة على الخلق أجمعين؟

وهو "أصل العلوم وأمها وأهمها" وقد ثبت في شأنه وحفظه ما ورد عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران".

قال ابن الجوزي (ت:597هـ): (فإن الله عز وجل خَصَّ أمتنا بحفظ القرآن والعلم، وقد كان من قبلنا يقرأون كتبهم من الصحف، ولا يقدرون على الحفظ).

وقد بوب البخاري (ت:256هـ) في صحيحه بابا بعنوان:"حفظ العلم"؛ ليبيّن أهمية الحفظ ومكانته.

وفي الباب إشارة لحافظ الإسلام، وإمام المتقنين: أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، قال الحافظ ابن حجر (ت:852هـ): (لم يذكر في الباب شيئا عن غير أبي هريرة؛ وذلك لأنه كان أحفظ الصحابة للحديث).

ومما يحسنُ حفظه لطالب العلم – ولا سيما المتفقه – سنة المختار عليه الصلاة والسلام، ويتبيّن أهمية ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام:"رحم الله امرءا سمع مني حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه".

ولعلماء الأمة عبر التاريخ كلمات محفزة على حفظ العلم والتنبيه على أهميته في الجملة من ذلك، قول عبد الرزاق الصنعاني (ت:211هـ): (كل علم لا يدخل مع صاحبه الحمام، فلا تعده علماً).

وقال الأصمعي (ت:216هـ): (كل علم لا يدخل معي الحمام فليس بعلم).

وأنشد أبو الفتح هبة الله بن عبد الواحد البغدادي لبشار:

علمي معي أينما يممت يتبعني ** بطني وعاء له لا بطن صندوق

إن كنت في البيت كان العلم فيه معي ** أو كنت في السوق كان العلم في السوق

والذي يتأكّد حفظه بشدة ويُهتم به عند العلماء في مراحل الطلب الأولى:

حفظ مبادئ العلوم الإسلامية، ولا سيما العربية منها، وصغار السن في ذلك أوفر حظا من غيرهم، ومن ضم إلى ذلكم المحفوظ استذكار جملة من أحاديث الأحكام وغيرها، وما حسن وطاب من كلام البلغاء شعرا ونثرا، فقد أحسن كل الإحسان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير