[ما الحكم إذا خالف الأدب الأمر وأيهما يقدم؟]
ـ[احمد ابو انس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 08:12 م]ـ
[ما الحكم إذا خالف الأدب الأمر وأيهما يقدم؟]
الخلاصة: الأدب هو الوقوف عند الأمر، الامتثال هو الأدب بل خير من الأدب كما يقول بعض العلماء
مسألة إذا خالف الأدب الأمر، الذي سمعه أنه يُقدَم الأدب على الأمر هذا الكلام يقوله الجماعة الذين يحتفلون بمولد النبي_ صلي الله عليه وسلم_ بالصورة التي نراها الآن، وأن الصحابة الكرام لم يكونوا يحتفلون بالنبي _صلى الله عليه وسلم بهذا لأنهم كانوا يتدينون بسنته ليل نهار، إنما بعدما صار الدين عبارة عن مظاهر جوفاء، اكتفي كثير من الناس أنه يطبل ويزمر في يوم من السنة ويقول بحبك يا نبي ويطبل ويزمر، مع أن الطبل حرمه عليه والزمر حرمه عليه وهذا الكلام، ولكن يعبرون عن فرحتهم بالنبي بما أمرهم النبي_ صلى الله عليه وسلم_ ألا يفعلوه.
طبعًا احتجوا على هذا الكلام بحديث واقعة أبو بكر الصديق، وهذه الواقعة رواها سهل بن سعد ألساعدي رضي الله عنه والحديث في الصحيحين "، أنه حدث مشكلة في بني عمرو بن عوف حتى تراشقوا بالحجارة، فالنبي عليه الصلاة والسلام بعدما صلى الظهر أخذ جماعة من الصحابة وذهب ليصلحوا بين بني عمرو بن عوف وقال لبلال إذا تأخرت فليصلى أبو بكر، وفعلاً تأخر النبي صلى الله عليه وسلم وأُذِنَ للعصر وجاء بلال ليستأذن أبي بكر الصديق ليقيم الصلاة أم لا، فقال له أقم، ودخل أبو بكر الصديق في القبلة، كبر فما هو إلا أن سمع تصفيقًا كثيرًا من المسلمين الذين يصلون خلفه وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثروا من التصفيق التفت فإذا النبي _صلى الله عليه وسلم _يشق الصفوف، فأشار إليه النبي_ صلى الله عليه وسلم_ إليه أن أثبت _،ابق مكانك في القبلة _، فرفع أبو بكر _رضي الله عنه_يديه فحمد الله_عز وجل_فرجع وقدم النبي_ عليه الصلاة والسلام_.
بعدما انتهي النبي_صلي الله عليه وسلم_ من الصلاة قال له يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك،فقال له ما كان لابن أبى قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله _صلى الله عليه وسلم _.
هم يقولون أبو بكر خالف الأمر، أليس يقول له ما منعك أن تثبت إذ أمرتك قال له قف، فلم يقف ورجع، لماذا؟ لأن هذا أدب أنه لا يصلى بالنبي_ عليه الصلاة والسلام _، قال قدم الأدب على الأمر، فإذا تعارض أدب مع الأمر قٌدٍمَ الأدب.
طبعًا هذا الكلام لا يقول به أحد قط من أهل العلم ولا ينبغي أن يقول أحد هذا الكلام أبدًا، لماذا لأن أهل العلم جميعًا ليس بينهم خلاف أعلمه يقولون الأدب هو التزام الأمر، ومخالفة الأمر ليست من الأدب، وإلا نحن نرد عليهم أيضًا على من يقولون بهذا بنفس واقعة لأبي بكر أيضًًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الواقعة رواها الشيخان_ البخاري ومسلم_ من حديث عائشة _رضي الله عنها_ ولها أكثر من طريق عن عائشة.
يرويها عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة ويرويها حمزة بن عبد الله بن عمر ويرويه الأسود بن يزيد، يرويه عروة بن الزبير، كل هؤلاء يرون هذا عن عائشة رضي الله عنها، وهي تصف مرض النبي _صلى الله عليه وسلم _، أن الرسول _عليه الصلاة والسلام_لما ثقل به المرض قال: " مروا أبو بكر فليصلي بالناس قالت عائشة يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف" _كثير الأسف، كثير الحزن لا يملك عينيه إذا قرأ القرءان، والإنسان إذا بكي لا يُسمِع من خلفه "فلو أمرت عمر أن يصلي، فقال إنكن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصلي بالناس "،_صواحب يوسف هم النسوة عندما تكلموا في امرأة العزيز {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} (يوسف30) فأرسلت إليهن ولم تقل لهن لماذا هي دعتهم، إنما أرسلت إليهن على أساس أنها دعتهم للضيافة لكنها ما قصدت أن تضيفهم، لا، قصدت أن تقيم العذر لنفسها وهذا هو الذي تحتويه في بطنها.
لكن الظاهر أنها دعتهم كأي دعوة، فلما جاءوا ورأوا يوسف وقطعوا أيديهن من مرة واحدة رأوه فيها، فهي تريد أن تقول فكيف بي وأنا أعيش معه ليل نهار ولا زلت أقف على قدمي، فهي في بطنها شيء أما دعوتها الظاهرة شيء آخر.
¥