[خلق الله السموات والأرض في ستة أيام كل يوم منها مقداره ألف سنة!]
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[07 - 06 - 10, 12:11 ص]ـ
الحمد لله وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وسلم تسليما أما بعد:
فهذه فائدة قد تكون جديدة على بعض الإخوة والأخوات في أمر قرأوه وسمعوه مئات المرات!
ما مدة خلق السموات والأرض؟
فقيل: إنها كأيام الدنيا.
وقيل: كل يوم منها كألف سنة من أيام الدنيا.
والقولان مذكوران في «تفسير البغوي» 3/ 235، و «الجامع لأحكام القرآن» 9/ 238، و «تفسير ابن كثير» 3/ 426، وغيرهم كثير ..
لكن لم يُنسب القول بأنها كأيام الدنيا لأحد معين في هذه الكتب.
وقال الطبري في «تاريخه» 1/ 42: «فإن قال قائل: وما دليلك على أن الأيام الستة التي خلق الله فيهن خلقه، كان قدر كل يوم منهن قدر ألف عام من أعوام الدنيا، دون أن يكون ذلك كأيام أهل الدنيا التي يتعارفونها بينهم، وإنما قال الله عز و جل في كتابه: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الفرقان:59].
فلم يعلمنا أن ذلك كما ذكرتَ؛ بل أخبرنا أنه خلق ذلك في ستة أيام، والأيام المعروفة عند المخاطبين بهذه المخاطبة؛ هي: أيامهم التي أول اليوم منها طلوع الفجر إلى غروب الشمس،
ومِن قولك: «إن خطاب الله عباده بما خاطبهم به في تنزيله؛ إنما هو مُوَجَّه إلى الأشهر والأغلب عليه من معانيه، وقد وجَّهْتَ خبر الله في كتابه عن خلقه السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام إلى غير المعروف من معاني الأيام»،
وأَمْرُ الله عز وجل إذا أراد شيئا أن يُكَوِّنه = أنفذ وأمضى من أن يوصف بأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام مقدارهن ستة آلاف عام من أعوام الدنيا، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له: «كن»؛ فيكون، وذلك كما قال ربنا تبارك وتعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر:50]؟
قيل له: قد قلنا فيما تقدم من كتابنا هذا: «إنا إنما نعتمد في معظم ما نرسمه في كتابنا هذا على الآثار والأخبار عن نبينا r، وعن السلف الصالحين قبلنا، دون الاستخراج بالعقول والفكر؛ إذ أكثره خبر عما مضى من الأمور، وعما هو كائن من الأحداث، وذلك غير مدرك علمه بالاستنباط والاستخراج بالعقول».
فإن قال: «فهل من حجة على صحة ذلك من جهة الخبر»؟
قيل: «ذلك ما لا نعلم قائلا من أئمة الدين قال خلافه».
فإن قال: «فهل من رواية عن أحد منهم بذلك»؟
قيل: «عِلْمُ ذلك عند أهل العلم من السلف؛ كان أشهر من أن يحتاج فيه إلى رواية منسوبة إلى شخص منهم بعينه، وقد روي ذلك عن جماعة منهم مُسَمَّين بأعيانهم».
فإن قال: «فاذكرهم لنا». قيل: «حدثنا ... » ثم ساق آثاراً عن ابن عباس، والضحاك، وكعب، ومجاهد،
ثم قال: «فهذا هذا.
وبعد؛ فلا وجه لقول قائل: «وكيف يوصف الله تعالى ذكره بأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، قدر مدتها من أيام الدنيا ستة ألاف سنة، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون»؟
لأنه لا شيء يتوهمه مُتوهم في قول قائل ذلك؛ إلا وهو موجود في قول قائل: «خلق ذلك كله في ستة أيام مدتها ستة أيام من أيام الدنيا؛ لأن أمره جل جلاله إذا أراد شيئا أن يقول له: «كن» فيكون».اهـ.
ونحوه في زاد المسير 3/ 211.
لكن في المحرر لابن عطيه: في تفسيره لآية الأعراف قال:
وقوله: {في ستة أيام} حكى الطبري عن مجاهد أن اليوم كألف سنة، وهذا كله والساعة اليسيرة سواء في قدرة الله تعالى.
ثم قال في آية يونس:
قيل: هي من أيام الآخرة، وقال الجمهور ـ وهو الصواب ـ: بل من أيام الدنيا.
ثم قال في آية هود:
قال أكثر أهل التفسير: «الأيام» هي من أيام الدنيا،
وقالت فرقة: هي من أيام الآخرة يوم من ألف سنة. قاله كعب الأحبار، والأول أرجح.!
ونحوه في الحديد.
واستظهره أبو القاسم الزمخشري في كشافه.
وأما لخازن في تفسيره فحكى عكس كلام ابن عطيه، فقال:
تكامل جميع الخلق في ستة أيام كل يوم مقداره ألف سنة، وهذا قول جمهور العلماء.
وقيل: في ستة أيام من أيام الدنيا. اهـ
وبعضهم نسب القول بأنها كأيام الدنيا للحسن البصري!
ولا أحسبه يصح لا هذا ولا هذا،
لمخالفة الأول ما حكاه الإمام الطبري ـ وغيره ـ، وهو من هو في اطلاعه وتثبته، وكذا هو واقع ما في كتبه غيره ممن جاء بعده، وعدم نسبته لمن يعتد به من أهل العلم في القرون المفضلة.
أما ما نسب للحسن؛ فلا أراه يصح لأن من حكاه:
ليس له كبير عناية بالمأثور، وعدم وجود ذلك في كتب المعتنين بذلك.
والله أعلم.
ومن عنده فضل علم في ذلك؛ فليحسن أحسن الله إليه.
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[07 - 06 - 10, 12:23 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا
لأول مرة أعرف هذه المعلومة.
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[07 - 06 - 10, 12:41 ص]ـ
مشاركه قيمه أخي الفاضل مشكور
¥