تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية:

حكى أبو عبد الله الرازي في تفسيره عن المعتزلة أنهم أنكروا وجود السحر، قال: وربما كَفَّروا من اعتقد وجوده.

والنفع والضر لا يكون إلا بإذن الله، سواء كان السبب السحر أو غيره.

وكما أن للسحر تأثيراً على النفوس والأبدان، فللرقية الشرعية أيضاً مثل ذلك.

روى البخاري في صحيحه: أن رهطاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا في سفرة سافروها، حتى نزلوا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدِغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين قد نزلوا بكم، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لُدِغ، فسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لراق، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جُعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق فجعل يتفل ويقرأ: {الحمد لله رب العالمين}. حتى لكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي ما به قلبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسِموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال: "وما يدريك أنها رقية؟ أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم بسهم.

(صحيح البخاري 5749).

قال ابن القيم في تعليقه على هذا الحديث:

ولكن ها هنا أمرٌ ينبغي التفطن له، وهو أن الأذكار والآيات والأدعية التي يُستشفى بها ويُرقى بها، هي في نفسها نافعةٌ شافية، ولكن تستدعي قبول المَحَل، وقوه هِمة الفاعِل؛ وتأثيره. فمتى تخلف الشفاء كان كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المحل المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينفع فيه الدواء؛ كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية، فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء، وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره، فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول، وكذلك القلب إذا أخذ الرُقى والتعاويذ بقبول تام، وكان للراقي نفسٌ فَعَّالة وهِمَّة مؤثرة، أَثَّر في إزالة الداء.

(الداء والدواء ص14).

أما ما يتعلق بإمكان تأثير بعض الجن في عالم الإنس، فهذا مما هو ثابت بالأدلة.

فقد سخر الله الجن لنبيه سليمان عليه السلام، فكانوا يصنعون له التماثيل والمحاريب وغيرها.

قال الله تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سورة سبا – الآيات 12 و13].

بل وقد استمع بعض الجن لتلاوة رسول الله عليه الصلاة والسلام لآيات من القرآن، فتأثروا بها وآمنوا برسالته، وانطلقوا يبلغون قومهم من الجن ما سمعوه.

قال الله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [سورة الأحقاف – الآية 29].

وقصة أبو هريرة رضي الله عنه مع الشيطان الذي تمثل له في هيئة رجل فقير يُحتج بها في ذلك الباب.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ " قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالا فرحمته فخليت سبيله، قال: "أما إنه قد كذبك، وسيعود". فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه سيعود". فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير