(استطراد ٌ من الشيخ ِ)
كيف يُحكم على الراوي؟
ج: يحكم عليه بتتبع حديثه ـ كما تتبع ابنُ حبان َ بقية َ بن الوليد وقال (دخلتُ الشام وكتبت حديثه العالي والنازل) ورجح أنه لا يُحتج به، وكذلك يفعله ابنُ عدي، فيقول (لم أجد له حديثا ً منكرا ً).
وبعض الأئمة –وهم القلة- لا يفعلون ذلك، كالعقيلي، فينقل عن البخاري وابن معين وغيرهما.
وفي هذا العصر الأمر غير موجود، وأقصد الذين يشتغلون بعلم الحديث وهم أقسام ثلاثة:
1_ الذين يأخذون بحكم الحافظ ابن حجر (وهم الغالب)
2_ من يتتبع أقوال العلماء في هذا الرواي، فيراجع تهذيب التهذيب، والميزان، والتاريخ الكبير، والجرح والتعديل، (وهم أقلاء)
3_ من يتتبعون أحاديث الرواي، ثم يحكمون، و (هم قلة القلة) ولا يوجد اناس يهتمون بعلم الجرح والتعديل، ولا أعلم في هذا العصر تقدم فيه إلا (عبد الرحمن المعلمي) فلا أعلم منه في الجرح والتعديل في هذا العصر، وهذا الشخص عنده تمكن في الحكم على الرجل وعنده قواعد.
وهي –تقريبا- خمس قواعد، من طبقها تستطع أن تحكم كلَّ عالم ٍ وميزته عن باقيه:
1_ أن تراجع كلام أهل ِ العلم فيه، وهذا الغالب على الناس، وأكثرهم يسلك هذا المسلك.
2_ دراسة آثار هذا العالم، وهو أهم شيء، فإذا أردت أن تعرف منزلة الدراقطني وقوة حفظه فارجع إلى كتاب العلل، فهو كما قال الذهبي (إذا قرأت كتاب العلل تندهش ويطول تعجبك) واقرأ كتابه (المؤتلف والمختلف) فمثلا ً: كل شخص اسمه أجمد أتى به سواءً كان اسمَه أو اسم أبيه أو جده كل روا ٍ، حتى ولو لم يرو ِ الحديث، بل نقل عنه شيء من العلم أو اللغة.
إنت إذا أردت أن تبحث عنه، فلا بد أن تقرأ كتاب البخاري كاملا ً حتى تعرفه، لأنه غير موجود ٍ في الأحرف، وهذا يدل على قوة حافظه، وحتى مثلا ذكر الدارقطني من اسمه حصين أو اسم أبيه أو جده ذكره، حتى ذكر اسمَ المقبرة التي توفي فيها (حصين).
ومثلا ً الإمام محمد بن حزم، هو من أذكياء العالم، إذا قرأت كتابه " الإحكام " في المجلد الثاني أتى بقواعد جديدة لم يُسبق إليها وستترى العجب العجاب.
كذلك إذا أردت أن تعرف ذكاء أبي الوفاء ابن عقيل، فكما قال شيخ الإسلام (من أذكياء العالم)
وإذا أردت أن تعرف قوة ومنزلة شيخ الإسلام، فاقرأ كتابه (درء تعارض العقل والنقل)
يأتي بقول أبي الحسن وأبي المنصور والباقلاني والغزالي والآمدي والرازي وأبو بكر بن العربي مالاكلي، ثم يرد عليها ويفندها قولا ً قولا ً، بل كل قول يفنده من عشرين وجها ً.
ولم يصب الذهبي حينما قال (ابن دقيق العيد أفقه من ابن تيمية) ونعرف هذا إن درسنا آثار شيخ الإسلام وآثار ابن تيمية وهو القسم الثالث.
3_ المقارنة، فتقارن كلام هذا العالم وهذا العالم، فسيتبين، ولم يتكلم ابنُ دقيق ٍ العيد في حضرة شيخ الإسلام، وقال (رأيت رجلاً كأن العلوم بين يديه يأخذ ما يريد ويدع ما يريد)
وكما قيل (لا تعلم منزلة معلمك حتى تجالس غيره) ويلجأ لهذا أهل الحديث فيقولون (مسعر بن كدام أحفظ من سفيان الثوري) وكلاهما من الكبار، لكن نعرف القوة بقول أبي حاتم! وكيف عرف أبو حاتم؟ بالمقارنة.
4_ يعرفُ الرجل من خلالِ شيوخه، فشيخ الإسلام خرج ابن عبد الهادي (من كبار الحفاظ) وابن مفلح (كبار الفقهاء) والذهبي وابن كثير وشمس الدين ابن قيم.
والإمام أحمد خرّج أبا داود (من كبار علماء الأمة) وابنه عبد الله وابنه صالح.
5_ يعرف الرجل من خلال ِ تلاميذه، فابن القيم من كبار العلماء، وهذا يدل أن شيوخه من كبار العلماء، ومثله ابن عبد الهادي من الحفاظ، وهذا يدل على قوة شيخه الحافظ الحجاج المزي.
فإن أردت أن تعرف منزلة كل شخص، فطبق هذه القواعد.
والناس ينقسمون إلى خمسة أقسام:
1_ عامة، وهم (الغالب)
2_ حفاظ، فلا يأتي بزيادة، بل ناقل، وهذا الغالب على طلبة العلم، بل فيهم من هيئة كبار العلماء.
3_ يأتون بأشياء لم يُسبق إليها، وهذا يدل على قوة هذا الشخص.
فإن أردت أن تعرف قوة الشيخ محمد العثيمين، ترى يأتيك بأشياء لا توجد بالكتب، فكنا نراجع الدرس الذي سيتكلم به الشيخ محمد، فلا نشعر إلا أنه أتى بأشياء جديدة
¥