1_ حديث البراء بن عازب، وجابر بن سمرة في (مسلم) وأجابوا:
أ_ أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل لحمًا! لكنه محمول على غيرِ لحم الإبل لحديث البراء فقد أوجب عليه لحم الإبل، وخيره في لحم الغنم.
والخاص مقدم على العام، قال بها جمهور العلماء، وفيها جمع بين النصوص، وأما حديث جابر فـ (ضعيف) ولو صح، فالخاص مقدم على العام، وما نقل عن الخلفاء الأربعة فبحثنا ولم نجد أنهم لم يوجبوه، إنما ثبت أنهم أكلوا شيئا مسته النار ثم صلوا ولم يتوضؤوا!
لا أنهم أكلوا لحم جزور ثم صلوا ولم يتوضؤوا، كذا قال شيخ الإسلام.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر / عن ابن عمر أنه أكل لحم إبل ثم صلى ولم يتوَضأ.
وأخرج ابن المنذر / عن ابن عمر أنه قال (توضؤوا من لحوم الإبل ولا توضؤوا من الغنم).
والحديث الأول ليس صريحاً، فقد يكون ناسيًا، فلا يخالف القول الثاني الأول، أو يكون يحيى بن قيس المشاهد لابن عمر قد غفل!
وأخرج بن أبي شيبة أن عمر بن الخطاب لم يتوضأ من لحوم الإبل وفيه (جابر الجعفي) مطرح.
وأخرج ابن أبي شيبة أن عليا ............... وفيه (جابر الجعفي) وهو حديث منقطع.
وثبت بإسناد صحيح عن أبي العالية أن أبا موسى الأشعري أنكر على أصحابه حينما أكلوا لحم إبل ولم يتوضؤوا.
وثبت عن جابر بن سمرة أنه قال (كنا نتوضئ من لحم الإبل ولا نتوضئ من باقي اللحوم) فما ثبت عن الصحابة أنهم أوجبوا الوضوء من لحوم الإبل.
وأما الرد على القياس فهو فاسد لمخالفته النص.
وذكر شيخ الإسلام (الحكمة) فقال: في الإبلِ قوةٌ شيطانيةٌ، فالماء يطفئ النار، والوضوء يطفئ الغضب الشيطاني من هذه اللحوم.
وأخرج الإمام أحمد، والطبراني، عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن مغفل أنه قال: الإبل خلقت من الشياطين.
وأخرج ابن خزيمة من حديث أبي هريرة وعمرو الأسلمي أنه قال: على كل ذروة بعير شيطان.
وعن البراء بن عازب مرفوعا: معاطن الإبل فيها شياطين.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في معاطن الإبل.
فالراجح: إيجاب الوضوء من لحوم الوضوء، ونقل عن شيخ الإسلام الوجوب وعدمه! والثاني لم أجدْه صريحًا عنهُ، ولا وجدت أحد ذكره إلا البعلي صاحب (الاختيارات العلمية) ونقله المرداوي صاحب (الإنصاف) والمشهور عنه أنه يوجبه، كما قال ونقله تلاميذه ابنُ القيم وابن مفلح – وهو من خواصه بل ينقل أقوالا لم ينقلها غيره -!
وسواء أوجبه شيخ الإسلام أو لم يوجب، فالعبرة بالنصوص.
(تخريج الحديث)
أخرجه أبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، وأحمد، والطيالسي، وعبدارزاق، وابن الجارود، وابن أبي شيبة، وابن حزم، وابن المنذر، والترمذي في (العلل) والحاكم في (المعرفة في علوم الحديث) والبيهقي كلهم من طريق الأعمش به.
(درجة الجديث)
صحيح، وقال ابن خزيمة: لا خلاف بين أهل الحديث حول صحته.
3_ استحباب الوضوء من لحوم الإبل، وذكرنا سابقًا: إن بعض العلماء ذهب إلى أن الوضوء مما مسته النار مستحبٌّ ولا يجب! ورحجه الخطابي وشيخ الإسلام، ويبدو أن الخطابي رجحها هنا.
وفي الباب عن جابر بن سمرة: اخرجه الإمام مسلم، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، وأحمد، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والطيالسي، وابن حزم، وابن المنذر، وابن ماجه والطبراني، والطحاوي، والبيهقي، كلهم من طريق جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة به
ووقع فيه خلاف، فعلي بن المديني نص أن (جعفر) مجهول، ورد عليه البيهقي فقال (روى عنه ثلاثة) وقال عنه أبو عيسى (مشهور).
والراجح: أنه (مجهول) لثلاثة أدلة (1) ليس له إلا شيخ واحد وهو جابر، فلو كان لجعفر شيوخ كثيرون لدل أنه طلب العلم (2) ليس له إلا حديث واحدٌ فيما نعلم وهو هذا (3) لم ينص أحد على توثيقه، وقول أبي عيسى (مشهور) أي أن الشخص مشهور لشهرة الحديث.
ولا يعني هذا تضعيفه، بل هذا صحيحٌ بلا شك، فالجهالة لا ترد ولا تقبل مطلقا، وحديث جعفر هذا مستقيمٌ، واللفظ شبيهٌ بكلام رسول الله، وجاءت النصوص بمعناه، والمتن قصير، أما لو كان طويلًا لاحتاج لحافظ، ولا يعلم لأهل الحديث كلام على هذا الحديث.
¥