لكن على حسب منهج أهل الحديث المتقدمين أنه حديث (لا بأس به) من طريق الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن زينب عن عائشة، وطريق إبراهيم التيمي عن عائشة.
بل الحديث يكون والله أعلم – صالح للاحتجاج -.
(فقه الحديث)
اختلف العلماء في ملامسة الرجل المرأة على أقوال:
1_ ذهب الشافعي وابن حزم وداود الظاهريان وبعض الصحابة كابن عمر وابن مسعود أن الملامسة مطلقًا ناقضة للوضوء، واحتجوا بـ (أو لامستم النساء) فقالوا: تطلق على الجماع وعلى الملامسة الحقيقة، وفسرها ابن عمر وابن مسعود بالملامسة الحقيقة.
2_ أن الملامسة لا تعتبر ناقضة، حتى تكونَ بشهوةٍ، وذهب إليه الشعبي والنخعي ومالك ورواية عن الإمام أحمد، ودليلهم (أو لامستم النساء) فالمقصود الملامسة بشهوة لما ثبت في الصحيحن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل فإن أراد السجود غمز عائشة فتسحب رجلها، فيسجد.
وثبت في سنن النسائي (1) وغيره أنها فقدت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: وقعت يدي على باطن قدمه وهو يصلي.
(1) قلتُ: هو في صحيح مسلم أيضًا –الهمام-
3_ الملامسة المقصود بها الجماع، وذهب إليه ابن عباس (وفسرها) ونقل عن علي بإسناد فيه ضعف، وعن عمر بن الخطاب والحنفية ورواية عن أحمد، واستدلوا بحديث عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة ثم يخرج ولا يتوضأ).
4_ قول شيخ الإسلام: أن مطلق الملامسة لا يعتبر ناقضاً، لكن الوضوء مستحب، لأن ذكره –لعله – ينتشر فيخفف الوضوء، أو خرج منه شيءٌ فيحتاط، أو جمعا بين الأدلة، وإن كانت الأدلة لا تجتمع بهذا الشيء، لكن يبدو أنه توسع.
ولعله أرجح الأقوال، لما سبق أن قلنا: أن حديث عائشة صالح للاحتجاج، فإن ثبت حديث عائشة فيكون فاصلًا للنزاع في هذه المسألة.
والراجح: أن الملامسة المقصود بها (الجماع).
قال أبو عيسى وقد روى نحو هذا عن غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم والتابعين وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة قالوا ليس في القبلة وضوء وقال مالك بن أنس و الأوزاعي و الشافعي و أحمد و إسحق في القبلة وضوء وهو قول غير واحد [من أهل العلم] من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم والتابعين.
والله أعلم.
64 - باب [ما جاء في] الوضوء من القيء والرعاف
87 - حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر [وهو أحمد بن عبد الله الهمذاني الكوفي] و إسحق بن منصور قال أبو عبيدة حدثنا وقال إسحق أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي عن حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير [قال] حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن يعيش بن الوليد المخزومي عن أبيه عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قاء [فأفطر] فتوضأ فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له فقال صدق أنا صببت له وضوءه [قال أبو عيسى] وقال إسحق بن منصور معدان بن طلحة قال أبو عيسى و ابن أبي طلحة أصح [قال أبو عيسى] و [قد] رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم [وغيرهم من] التابعين الوضوء من القىء والرعاف وهو قول سفيان الثوري و ابن المبارك و أحمد و إسحق وقال بعض أهل العلم ليس في القيء والرعاف وضوء وهو قول مالك و الشافعي وقد جود حسين المعلم هذا الحديث وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب (اختار الترمذي ترجيح رواية حسين، لكن على حسب القواعد فالراجح رواية معمر بن راشد وهشام الدستوائي لأنهم أكثر وأحفظ) وروى معمر هذا الحيث عن يحيى بن أبي كثير فأخطأ فيه (بأنه أسقط الأوزاعي، والراجح ذكره لأن من ذكره أحفظ وأوثق، ويحيى معروف بالإرسال، فلا يبعد أن يكون يحيى قد تعمد إسقاط الأوزاعي) فقال عن يعيش بن الوليد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء ولم يذكر فيه الأوزاعي وقال عن خالد بن معدان وإنما هو معدان بن أبي طلحة (هذا الخطأ الثاني الذي وقع فيه معمر).
قال الشيخ الألباني: صحيح
أبو عبيدة بن أبي السفر: أحمد بن عبد الله الهمداني الكوفي، صدوق، من الطبقة الحادية عشرة، توفي (258)
إسحاق بن منصور: بن مهران بن كوسج، من صغار العاشرة،توفي (251)
عبد الصمد: بن سعيد التنوري العنبري، من الطبقة التاسعة، توفي (207).
وحديثه على قسمين:
¥