تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 – دعوتنا إلى وحدة المصدر للعقيدة الإسلامية حقيقة دل عليها الشرع بالقواطع من الأدلة النقلية، والعقل السليم لا يعارضها، على القاعدة التي تقول: (العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح)

4 – إذا كان العقل هو الذي دلنا على معرفة الله عز وجل وعلى أن محمداً رسول الله حقاً فأي معارضة تفرض بين العقل وبين ما جاء به الكتاب والسنة، أورد خبر الله وخبر رسوله بحجة مخالفتهما للعقل، يعتبر كل ذلك مناقصة صريحة لما دل عليه العقل نفسه.

5 – العقل نور جعله الله في قلبك ليكشف لك عن الأشياء الموجودة والحقائق الواقعة ولتفهم به عن الله ورسوله، هذه وظيفة العقل، فلو أردت منه أن يريك كل ما تحبه وتتخيله من المعدومات قلا يجد إلى ذلك سبيلاً، اللهم إلا إذا كان على سبيل الوهم والخيال، وسبق أن قلنا: إن الوهم والخيال لا يصلحان للمعرفة الصحيحة والعقيدة السليمة، والله هو الهادي إلى سواء السبيل. [2]

تعريف العقل

يقال: عقل الشيء فهمه معقول أي مفهوم، العقل نور روحانيٌ تدرك به النفس الأمور الضرورية، والفطرية وابتداء وجوده عند اجتنان الولد في الرحم، ثم لا يزال ينمو إلى أن يكمل عند البلوغ [3].

ويقال للأدلة النظرية الأدلة العقلية: لأنها تدرك بالعقل، حيث عن الإنسان يستعمل العقل في ترتيبه وتكوينه وتنظيمه، وسمي العقل عقلاً لأنه يعقل صاحبه لئلا يقع فيما ينبغي من اعتقاد فاسد أو فعل قبيح، ومن ذلك "اعقلها وتوكل على الله" أي احبسها.

تعريف النقل

يقال: نقل الشيء أي أخذة من مكان إلى مكان، ونَقَلَةُ الحديث هم الذي يدونون الأحاديث وينقلونها ويسندونها إلى مصادرها.

ويقال لأدلة الكتاب والسنة: الأدلة النقلية، ويقال لها السمعية ويقال لها: الخبرية والأدلة المأثورة، وكلها بمعنى واحد، وهي الأدلة المسموعة المنقولة عن كتاب الله العزيز والسنة المطهرة أو الأدلة التي نقلها إلينا نقلة الحديث والرواة.

العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح

هذا العنوان يجب أن يكون المحور لبحثنا وقاعدة ننطلق منها في دراستنا لآراء أبي الوليد في الإلهيات ومناقشتها، لنتبين مذهبه على حقيقته إن استطعنا إلى ذلك سبيلا، وهو أمر عسير غير يسير.

وذلك لأن العقل هو الذي دلنا على وجود الخالق، وصحة رسالة رسوله الذي أيده بالمعجزات تلك المعجزات التي تدل على صدق نبوة الأنبياء باستعمال الفكر والنظر, ويقول شيخ الإسلام بن تيمية: "المعقول الصريح لا يخالف المنقول الصحيح"وله كتاب خاص بهذا المعنى تحت عنوان: (موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول)، وقد يسايرنا أبو الوليد في هذا الخط فترة من الزمن غير طويلة إلا أنه لا يستطيع أن يواصل سيره معنا بل سرعان ما يتركنا في وسط الطريق، ليعود إلى غموضه متناقضاً ومُطْلقاً على ما نحن عليه مذهب الجمهور أو مذهب العوام. الواقع أن ابن رشد يساير أيضاً علماء الكلام بل يوافقهم في الحقيقة، ويتظاهر بمخالفتهم في الظاهر أو في طريق التطبيق، فتجده يعتب على علماء الكلام في تأويلهم لنصوص الكتاب والسنة، ويعلن أمام الرأي العام أن تأويلهم هو الذي غير الشريعة وبدل معالمها، وأفسد على الناس مفهومها, وإذا قلبت النظر في أمره فتجد أن عتابه لا ينصب على التأويل من حيث هو تأويل, ولكنه ينصب على التصريح به للجمهور، فهو يبيح من التأويل للعلماء ما لا يبيح للجمهور شريطة ألا يصرح العلماء للجمهور بذلك التأويل لأنهم حرفيون على حد تعبيره.

هكذا عاش ابن رشد غير واضح في عقيدته وفلسفته ويسمى هذا الموقف: التوفيق بين الفلسفة والشريعة أو بين الحكمة والدين، وكان مقتنعاً بصحة هذا المذهب ولذا نراه يعتب على الإمام الغزالي وينقم منه تصريحه أمام الجمهور ما لا ينبغي أن يصرخ به إلا أمام الخواص في منهج القوم!!

فلسفة ابن رشد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير