تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كثرة الأشاعرة هل تدل على أنهم على الحق؟ (الشيخ عبدالرحمن البراك)]

ـ[نياف]ــــــــ[11 - 09 - 06, 01:45 ص]ـ

السؤال

المشايخ الأفاضل: نعلم كلنا أن من رحمة الله عز وجل بأمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم- أنه لم يقبض النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد ترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، وتكفل رب العزة بحفظ هذا الدين إلى أن يشاء الله، فإذا تأملنا هذا الكلام ورجعنا إلى التاريخ الإسلامي، نجد أن السواد الأعظم من أهل الإسلام على البينة في أي عصر يعيشه الإسلام منذ الخلافة الراشدة، ومرورًا بكل الدول الإسلامية، وحتى يومنا هذا، هذا التفكير على الرغم من عقلانيته ومنطقيته إلا أنه غير مريح، لأننا إن طبقناه على أنفسنا وعقيدتنا فسنجد أن مذهب الأشاعرة هو الذي ساد في أهل السنة طوال هذه السنين، ولم يعرف في عامة أهل السنة شيوع ما نقول عنه إنه اعتقاد السلف، فإن كان ما نراه هو اعتقاد الصحابة، رضي الله عنهم، والسلف، فلِمَ لَم يظهره الله عز وجل، وأظهر غيره عليه؟

الإجابة

الحمد لله، وبعد:

لقد بعث الله نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وقد تحقق هذا كما وعد- سبحانه وتعالى- فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله ليلاً ونهارًا سرًّا وجهرًا بقوله وفعله حتى دخل الناس في دين الله أفواجًا، فما مات– صلى الله عليه وسلم- حتى أكمل الله له ولأمته دينهم، وأتم عليهم نعمته، كما جاء في الآية الكريمة التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو واقف بعرفة، وقد ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، يعني: أنه- صلى الله عليه وسلم- قد بين هذا الدين أكمل بيان، فبلغ رسالات ربه كما أمره الله بقوله: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) [المائدة:67]. وأمر صحابته، رضي الله عنهم، أن يبلغوا فقال في خطبته في حجة الوداع: "لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغَائِبَ". وقال: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً". فقام أصحابه، رضوان الله عليهم، بالبلاغ والدعوة، والجهاد أسوة بنبيهم صلى الله عليه وسلم، وانتشر الإسلام بالمعمورة شرقًا وغربًا.

وقد أخبر- صلى الله عليه وسلم- أنه يطرأ على هذه الأمة افتراق واختلاف، وبين أن الفرقة الناجية هم من كانوا على مثل ما كان عليه- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، رضي الله عنهم، كما أخبر- صلى الله عليه وسلم- أن الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، وقد وقع الأمر كما أخبر- عليه الصلاة والسلام- وبدأ الافتراق في الأمة منذ أن ظهرت الخوارج والرافضة، والمرجئة والقدرية، ثم تفرعت الفرق، وتعددت، وظهرت بدعة التعطيل التي يعرف أهلها بمؤسسها الجهم بن صفوان، وهم الجهمية، وتفرع عن بدعة التعطيل، فرق شتى اضطربت مذاهبهم في صفات الله، وفي كلامه، وفي القدر، فغلبت على الأمة هذه المذاهب، ولكن الله قد ضمن حفظ كتابه ودينه، فلم يزل في هذه الأمة من يقيم لها أمر دينها بالبيان، كما جاء في الحديث المشهور: "يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ مِن كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْه انْتِحالَ المُبْطِلِينَ وتَأْوِيلَ الجَاهِلِينَ وتَحْرِيفَ الغَالِينَ". وفي الحديث الآخر: "إنَّ اللهَ يَبْعَثُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائةِ سَنَةٍ مَن يُجَدِّدُ لهذه الأُمَّةِ أَمْرَ دِينِهَا". ومع هذا الافتراق، وهذا الاختلاف لابد من رد ما اختلف فيه الناس إلى كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، واعتبار ذلك بما كان عليه الصحابة، رضي الله عنهم، وإنهم كانوا على الهدى المستقيم، وقد وعد الله بالرضا والجنة السابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، كما قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:100].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير