[لا تبديل لخلق الله]
ـ[كتبي]ــــــــ[01 - 11 - 06, 04:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الأحبة، أشكل علي ما رواه البخاري من تفسير بعض السلف لقوله تعالى {لا تبديل لخلق الله} أي لدين الله،
فعلى هذا القول، قد يستدل المعتزلة بالآية على أن الأوامر الشرعية مخلوقة لله تعالى! فكيف يكون الرد منّا؟
(للعلم: مسألة الخلق غير مشتبهة عليّ إطلاقا بحمد الله تعالى، وإنّما الإشكال في فهم هذا القول في تفسير الآية)
وجزاكم الله خيرا،
ـ[أحمد بن حماد]ــــــــ[02 - 11 - 06, 01:30 ص]ـ
قال الشيخ علي القرني في كتابه "الفطرة .. حقيقتها ومذاهب الناس فيها" ص137
(قوله (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) ذكر ابن كثير في تفسيره قولين هما:
1 - أنه خبر بمعنى الطلب، ومعناه لا تبدلوا خلق الله، فتغيروا الناس عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها.
2 - أنه خبر على بابه، ومعناه أن الله تعالى ساوى بين خلقه كلهم في الفطرة على الجبلة المستقيمة فلا يولد أحد إلا على ذلك، ولا تفاوت بين الناس في ذلك.
ولهذا قال ابن عباس وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك وابن زيد في قوله (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) أي لدين الله
وقال البخاري (قوله (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) لدين الله، (خلق الأولين): دين الأولين. والفطرة الإسلام)
ولا تعارض بين القول بأن اللام في قوله (لَا تَبْدِيلَ) للنفي أو للنهي، فالنفي صحيح فلا يولد مولود إلا وهو على الفطرة لا يستطيع أحد أن يبدل ذلك، فيجعل بعضهم يولد على الفطرة، وبعضهم يولد على غير الفطرة، والنهي أيضا صحيح فمعناه لا تغيِّروا ولا تبدلوا دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها)
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[02 - 11 - 06, 07:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يبدو أن لا إشكال في الآية ولاحجة للمعتزلة في إثبات أن أوامر الله مخلوقه ومن ثم القرآن مخلوق ووجه ذلك أن المراد بالدين على أحد التفسيرين هو متعلقه من أفعال العباد وليس المراد بالدين أمر الله ونهيه وأنقل نصين يؤيدان ماذكرته:
1 / قال ابن بطة في الإبانة (2/ 72): (قال عز وجل فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله فكانت البداية التي ابتدأ الله عز وجل الخلق بها ودعاهم إليها وذلك أن بداية خلقهم الاقرار له بأنه ربهم وهي الفطرة والفطرة ها هنا ابتداء الخلق ولم يعن بالفطرة الاسلام وشرائعه وسننه وفرائضه ألا تراه يقول لا تبديل لخلق الله ومما يزيدك في بيان ذلك ووضوحه قوله تعالى الحمد لله فاطر السماوات والأرض يعني أنه بدأ خلقها فقوله كل مولود يولد على الفطرة يعني على تلك البداية التي ابتدأ الله عز وجل خلقه بها وأخذ مواثيقهم عليها من الاقرار له بالربوبية ثم يعرب عنه لسانه بما يلقنه أبواه من الشرائع و الأديان فيعرب بها و ينسب إليها ثم هو من بعد إعراب لسانه واعتقاده دين أبائه راجع إلى علم الله عز وجل فيه وما سبق له في أم الكتاب عنده أن كان ممن سبقت له الرحمة لم تضره أبوته ولا ما دعاه إليه وعلمه أبواه من دين اليهودية والنصرانية والمجوسية فما أكثر من ولدته اليهود والنصارى والمجوس ونشأ فيهم ومعهم وعلى أديانهم وأقوالهم وأفعالهم ثم راجع بدايته وما سبق له من الله ومن عنايته بهدايته فحسن إسلامه وظهر إيمانه وشرح الله صدره بالإسلام وطهر قلبه بالإيمان فعاد بعد الذي كان عليه من طاعته لأبويه عاصيا ومحبته لهما بغضا وسلمه لهما وذبه عنهما لهما حربا وعليهما عذابا صبا ولو كان الأمر على ما تأولته الزائغون أن كل مولود يولد على الفطرة عنا دين الإسلام وشرائعه لكان من سبيل المولود من اليهود والنصارى إذا مات أبواه وهو طفل ألا يرثهما وكذلك إن مات لم يرثاه لما عليه الأمة مجمعون أنه لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر والمسلم وقد كان من سبيل الطفل من أولاد أهل الكتاب إذا مات في صغره أن يتولاه المسلمون ويصلوا عليه ولا يدفن إلا معهم وفي مقابرهم فإن كان الحكم في معنى هذا الحديث كما تأولته القدرية وليس هو كذلك والحمد الله فقد ضلت الأمة وخالفت الكتاب والسنة حين خلت بين اليهود والنصارى وبين الأطفال من المسلمين يأخذون مواريثهم ويلون غسلهم والصلاة عليهم والدفن لهم لكن المسلمين مجمعون وعلى إجماعهم مصيبون والحمد لله أن من مات من أطفال اليهود والنصارى والمجوس ورثه أبواه وورث هو أبويه وولياهما غسله ودفنه وأن أطفالهم نهم ومعهم وعلى أديانهم وإنما قوله كل مولود يولد على الفطرة إنما أراد أنهم يولدون على تلك البداية التي كانت في صلب آدم عليه السلام من الإقرار لله بالمعرفة ثم أعربت عنهم ألسنتهم ونسبوا إلى آبائهم فمنهم من جحد بعد إقراره الأول من الزنادقة الذين لا يعترفون بالله ولا يقرون به وغيرهم ممن لم يبلغه الإسلام في أقطار الأرض الذين لا يدينون دينا وسائر الملل فمقرون بتلك الفطرة التي كانت في البداية فإنك لست تلقى أحدا من أهل الملل وإن كان كافرا إلا وهو مقر بأن الله ربه وخالقه ورازقه وهو في ذلك كافر حين خالف شريعة الإسلام ... )
2 / قال ابن حزم في معرض الاستدلال على أن أفعال العباد مخلوقة: (والبرهان على صحة قول من قال أن الله تعالى خلق أعمال العباد كلها نصوص من القرآن وبراهين ضرورية منتجة من بديهة العقل والحس لا يغيب عنها إلا جاهل وبالله تعالى التوفيق فمن النصوص قول الله عز وجل هل من خالق غير الله
قال أبو محمد هذا كاف لمن عقل واتقى الله وقد قال لي بعضهم إنما أنكر الله تعالى أن يكون هاهنا خالق غيره يرزقنا كما في نص الآية
قال أبو محمد وجواب هذا أنه ليس كما ظن هذا القائل بل القضية قد تمت في قوله غير الله ثم ابتدأ عز وجل بتعديد نعمه علينا فأخبرنا أنه يرزقنا من السماء والأرض وقال تعالى فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم وهذا برهان جلي على أن الدين مخلوق لله عز وجل ... )
¥